الْفَرَجُ بَعْدَ الشِّدَّةِ

21.09.2023 מאת: بروفيسور لطفي منصور
الْفَرَجُ بَعْدَ الشِّدَّةِ

 


تَعَرَّفْ/ي على كتابٍ في الأدب قَلَّ مثيلُهُ عنوانُهُ "الْفَرَجُ بَعْدَ الشِّدَّةِ" لمؤلِّفَهِ الْقاضي أبي عَلِيٍّ  الْمُحَسَّنِ بنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيِّ (ت سنة ٣٨٤هج).
وَتَنوخُ اسمُ 

 


قبيلَةٍ كبيرَةٍ في اليمن، خَرَجَ منها كبارُ العلماءِ والفقهاءِ والمؤرّخين ، منهم المؤرِّخُ والفيلسوف الكبير ابن خَلدون صاحب المقدّمة لكتاب التاريخ، وكذلك الهَمْداني (ت سنة ٣٦٠هج) صاحب كتاب "الإكليل" في عِدّة مجلدات وجدتُ منها في مَعْرِض الكتاب في القاهرة عشرةَ مجلدات وهي نصفُ الكتاب  في تاريخ اليمن وملوكِها، وقد ضاع القسمُ الباقي ولَم يهتدوا إليه  حتى يومنا هذا. وله أيْضًا من الكتب المُهِمّة كتاب "وصف جزيرةِ الْعَرَب".

 


ولن ننسى شاعِرَنا الفيلسوف أبا العَلاءِ المعَرِّي التّنوخي صاحبَ المؤلّفات العظيمَة، والأشعارِ السامقَةِ ولزوميّاتهِ العجيبَة.
هذه هي اليمن أمّ الحضارةِ العربيّة الإسلاميّة تتعرّضُ الْيَوْمَ للدّمار والقتل والتشريد. وممَّن يحدثُ هذا ؟ إنَّهُ من الأشقاء العرب، وصدَقَ طرَفَةُ بنُ الْعَبْدِ في قَوْله:

 


وَظٌلْمُ ذَوَي القَرْبَى أشَدُّ مَضاضَةً
 

 

عَلَى المَرْءِ من وَقْعِ الْحُسامِ الْمُهَنَّدِ
 

 

أمّا صاحِبُنا التّنوخي فقدِ اختارَ الأدَبَ تَأليفٍا وتدْريسًا، فقد وصلنا من كتبهِ أيضًا كتاب "نشوارُ الْمُحاضَرَة" طُبِعَ في سَبْعَةِ مجلدات، أربَعَةٍ مِنْهَا مِنْ أصلِ الكتاب، والباقي جُمِعَتْ من كتبِ الأدَبِ الأُخرَى، لأنّ الكتابَ تَعَرّضَ أيْضًا لعوادي الزّمان.

 


يَقَعُ كتابُ الفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّة في خمسةِ مجلّدات، حقّقَهُ عَبّود الشالجي، وطُبِعَ في دار صادر ، بيروت  ١٩٧٨م.

 


جاءتْ مادّةُ الكتاب من حكايات قصيرة تعرَّضَ فيها ناسٌ من عِلْيَةِ القوم إلى أزماتٍ شديدة، بقدَر ما في الشِّدّةِ من قَسْوَةٍ أشرَفوا على الموتِ أوِ الإفْلاسِ، وفِي اللّحْظَةِ الأخيرَةِ قُبَيْلَ وقوعِ الكارثَةِ أو النهايةِ القاتلةِ تتدخَّل العنايَةُ الإلهيَّةُ ويَاْتي الفرَجُ بعدَ الشدّةِ ويتخلّصُ المَأزومُ ممّا حاقَ به من أهوالٍ وأخطار.

 


وفِي الكتاب مادّة وافرة عن الحياةِ الاجتماعيّة للشعوب الإسلاميّة، لا نجدها في كتبِ الحَوليّات التاريخيّة مثل تاريخ الطبري أو الكامل لابن الأثير، أو البداية والنهاية لابن كثير وغيرها من أُمَّهات الكتب المعروفة. ولولا كتاب الفرج بعدَ الشدّة لضاعَ جانبٌ كبير من عيون الأدب العربي.

 


أوصي بمطالعةِ مادّةِ هذا الكتاب لأنّ فيه فائدتين:


-  الإفادة من لغة التّنوخي الغنيّة بجمالها وسلاستها، وأسلوبهِ الأدبي الراقي الذي يجذبُ القارِئَ حتى اكتمالِ القصّةِ أو الحكاية.


-  الفائدة الثانية: الوقوف على سُبُلِ حياةِ الناس العاديين، ليسَ حياةَ الأمراء والحكّام والأغنياء. فهو يسردُ أخبارًا وقعت مع البسطاء من العامّة، وفيه أيضًا أخبارٌ عن نساءِ ذلك الزّمان من حرائِرَ وجوارٍ ضاقت بهنّ الحياة ثمّ أفلَتْنَ من الشدائِد سالمات.

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים