النّهرُ الخالِدُ

29.04.2024 מאת: زهدي غاوي
 النّهرُ الخالِدُ

 

النّهرُ الخالِدُ

غَديرٌ يُعانِقُ ماءَ النَّهَرْ
يَضُمُّهُ ضَمَّ الثّرى لِلشَّجَرْ

يُغازِلُهُ وَيُداعِبُهُ
كَعودٍ يُداعِبُ خَدَّ الوَتَرْ

تَرى الشّمسُ ثَورَةَ حُبِّهِما
فَتَدعو إلَيها شِفاهَ القَمَرْ

فَمِنْ أينَ يَشرَبُ نَهرُ الهَوى
وَلَستُ أرى مُزنَةً أو مَطَرْ ؟!

زُهورٌ تُزَيِّنُهُ تَستَقي
عُذوبَةَ فيهِ وَدونَ ضَجَرْ

على جانِبَيهِ نَما جَدوَلٌ
تَجَرَّعَ ماءَهُ حَتّى اخْتَمَرْ

سَمِعتُ النّوارِسَ أجمَعَها
تَقولُ على النّهرِ يَحلو السّهَرْ

وَبَعضَ البَلابِلِ تَشدو لَهُ
تَقولُ وَنَحنُ نُحِبُّ السّمَرْ

بِلَيلَةِ حُبٍّ جِوارَ النّهَرْ
نُقَبِّلُ بَعضًا ، نُذيبُ الحَجَرْ

إلــــــــهي وَكيفَ لِهذا النَّهَرْ
عَلى ضِفَّتَيهِ رَسَمتَ الحَوَرْ ؟!

وأنَّ الكَفيفَ الّذي عادَهُ
أعَدتَ لَهُ كَيْ يَراهُ البَصَرْ ؟!

نَباتُ الخُزامى أتَتْهُ بِحُبٍّ
مِنَ البَيدِ كَالجُندِ حَتّى يَقَرّْ

وَطَيرٌ تَحومُ عَليهِ بِشَوقٍ
وَرِفقٍ وَعِشقٍ وَتَأْبى السَّفَرْ

هُنالِكَ تَبدو الحِكايَةُ أحلى
وَتَحكي السِّقايَةُ كُنهَ الخَبَرْ

فَمَنْ قالَ إنَّ الحَياةَ سَتَخبو
إذا النّهرُ يَجعَلُها في بَطَرْ ؟!

  يَطيبُ المَقَرُّ بِأحْضانِهِ
وَيَبقى لَدَيهِ الهَوى المُستَقَرّْ

فَيَشرَبُ مِنهُ المُقيمُ وَمَنْ
يُسافِرُ حَتّى يَزولَ الخَطَرْ

هُوَ النَّهرُ والصِّهرُ والمُبتَلي
حَقيقٌ عَلَينا هُنا قَدْ صَبَرْ

بِكُلِّ المَتاعِبِ نُثقِلُهُ
فَغَيرُهُ كانَ لِذاكَ انْتَحَرْ

أراني وَنَهري بِنَفسِ المَكانِ
الّذي خَصَّهُ لِكِلانا القَدَرْ

أراني وَنَهري بِنَفسِ الزّمانِ
الّذي خَطَّهُ اللهُ فَوقَ الدُّسَرْ

لِنَشقى وَنَبقى البَلِيَّةَ حَقّا
وَهذا قَرارٌ بِلَيلٍ صَدَرْ

لِنُسقي الأنامَ شَرابَ الهَوى
وَسُمًّا زُعافًا لِبَحرٍ غَدَرْ

فَمَوتٌ زُؤافٌ لِشارِبِهِ
عَدُوٍّ لَهُ لَمْ يَزَلْ يُحتَضَرْ 

شَرابُهُ شَهدٌ لِصانِئِهِ
لِشانِئِهِ عَلقَمٌ وَأَمَرّْ

بِأعيُنِنا نَفتَديهِ النَّهَرْ
فَلَولاهُ لَمْ يَكُ فيها نَظَرْ

يُحاوِلُ رَهطُ العِدى قَطعَهُ
فَمِنهُمْ تَرَدّى وَمِنهُمْ عَبَرْ 

تَصَدّى لَهُمْ بِكَلاليبِهِ
وَقَدْ جَهَّزَ الغِلَّ لِلمُنتَظَرْ

وَظَلَّ عَصِيًّا أمامَ العِدى
وَلا يَنحَني لِأَسًى أو كَدَرْ

حَنونٌ عَلَينا فُؤادُ النَّهَرْ
عَلى كُلِّ قَلبٍ لَدَيهِ حَضَرْ

سَتَجري مِياهُهُ طولاً وَعَرضًا
إذا الحُبُّ بَينَ القُلوبِ اسْتَمَرّْ

حَصاهُ كَما الدُّرِّ في خَزنَةٍ
تَرَصَّعَ بِالّذّهَبِ المُفتَخَرْ

بِقُربِهِ نادٍ لِكُلٍّ يُنادي
أنا صاحِبُ النّهرِ والمُنحَدَرْ

يُرافِقُني جَبَلٌ شامِخٌ
وَمِنْ فَوقِهِ نَستَعيرُ الصّوَرْ

وَخَلفَ التّلالِ الّتي انْدَثَرَتْ
يَعيشُ عُرابي وَبَعضُ النَّوَرْ

إذا سِرتَ مَعْها تَوَخَّ الحَذَرْ
فَعُشبُ المهالِكِ يُخفي الحُفَرْ

فَكَمْ سائِرٍ بِالرّدى قَدْ تَعَثَّرْ
وَبِالنُّصحْ مِنّي وَمِنها كَفَرْ !

فَنالَهُ ما لا تَمَنّى وَأَغنى
وَأضحى رُفاتًا جَليسَ البَقَرْ 

فَكارِهُ نَهرِ الخُلودِ شَقِيٌّ
وَباصِقُ طينِهِ فوهُ انْكَسَرْ

بِعُمري أنا ما رَأَيتُ المُنى
أتى النّهرَ غَصبًا وَكانَ انْتَصَرْ

وَيَومَ النِّزالِ بِكَفِّ الشِّمالِ
رَأَيتُهُ جُندَ المُحيطِ أَسَرْ

أَلَيسَ الّذي ضِدَّ ماءِ الحَياةْ
تَمَنّى جَفافَهُ مُنذُ الصِّغَرْ ؟!

ألَيسَ الّذي يَستَحِقُّ الحَياةْ
بِأهلِ الخَصاصَةِ كانَ شَعَرْ ؟!

يَجِفُّ الحَياءُ فَتَبكي السَماءُ
عَلى كُلِّ قَلبٍ بَكى فانْشَطَرْ

فَبَعدَ النّهارِ سَيَأتي المَساءُ
مَساءٌ عَلى كُلِّ عَيبٍ سَتَرْ

إلامَ سَتَبقى الخَلائِقُ شَتّى
يَحيكونَ مَكرَ الدُّجى بِالإبَرْ ؟

إلامَ سَتَبقى البَنادِقُ حَتّى
تُبَدِّلَ حُلْمَ الهَوى بِالزَّجَرْ ؟

أَلا إنَّ نَهرَ الهَوى خالِدٌ
فَمَنْ شاءَ سَلْحًا بِهِ فَلْيَذَرْ

كَراهِيَةً نَبَتَتْ فاسْتَوَتْ
عَلى قَلبِهِ فاسْتَفاضَ الضَّرَرْ

يُسامِحُنا الماءُ جَوفَ النَّهَرْ
إذا ما فَعَلنا بِما قَدْ أَمَرْ

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים