حَريرُ الذّكرياتِ

20.02.2024 מאת: صالح أحمد كناعنة
حَريرُ الذّكرياتِ

حَريرُ الذّكرياتِ
 

من ديواني نثريات بعنوان (مدن المواجع) الصادر عام-2010)

في مَنطِقَةٍ ما... بَينَ الظَّنِّ والحلُمِ... 
بَل أَقرَبُ إلى الظَّنِّ، وألصَقُ بِالحلُمِ...
 وَقَفنا، وكانَ مَعَنا النَّهارُ ... 
لأَوَّلِ مَرَّةٍ يَألَفُنا !

 


مَعَ خُيوطِ الفَجرِ وَقَفنا... 
كُنّا نَمُدُّ أيدينا... 
نُحاوِلُ أن نَتَبيَّنَ المسافَةَ بَينَ الظَّنِّ والحلُمِ... 
فَكُنّاها، وَكانَتْنا...
كانَتِ الأَرضُ كَما أَلِفناها... 
تُرابًا بِلَونِ جُلودِنا، وَصُخورًا بِلَونِ عِظامِنا ...
اللَّيلُ أَبَدًا لَم يَنَل مِنها... فَلَم يَكُن يَسكُنُها... بَل كانَ يَسكُنُنا !
***
شَيءٌ غَيرُ التُّرابِ؛ وغيرُ الصُّخورِ؛ ما كانَ يَجعَلُ خَطَواتِنا لا تَبرَحُنا... 
شَيءٌ خارِجُ الأرضِ... وخارِجُ الفَضاءِ... 
شَيءٌ أَسكَنّاهُ  ذَواتِنا فَأَصبَحَ يَملِكُنا !

 


لماذا نَخشى المطَر ؟
غارِقونَ عِشنا، غارِقون بِكُلِّ شَيءٍ ... وَبِأَيِّ شَيءٍ...
غارِقونَ بِما نَعلَمُ... وَبِما لا نَعلَمُ...
مُجَرَّدُ غارِقين !
أَرضُنا عَطشى... وقُلوبُنا عَطشى.. ونُفوسُنا عَطشى... 
ويسكُنُنا الغَرَق !

 


لأوَّلِ مَرَّةٍ يُصافِحُ النَّهارُ وَعيَنا... 
يُعَرّي مَساحاتٍ قَد تَجَعَّدْنا داخِلَها دَهرًا... 
وهيَ مِنّا... وَهيَ فينا .
لأوَّلِ مَرَّةٍ... وبِفَضلِ النَّهارِ الّذي أَصَرَّ أَن يَألَفَنا؛ لِنَألَفَهُ... 
نَكتَشِفُ أَنَّ لَنا حَجمًا وَوزنًا، ورَغمَ تَجَعُّدِ ذَواتِنا !
فَشُكرًا لأَريَحِيَّةِ النَّهارِ الّذي عَلَّمَنا ...
 وقَد عِشنا دَهرًا لا نَقبَلُ أن نَجِدَ مَن يُعَلِمَنا... 
فَاكتَشَفنا: أَنَّنا مَن كُنّا نَلتَصِقُ بالوَحلِ... 
وأَنَّهُ أبَدًا؛ لَم يَكُن لِيَلتَصِقَ بِنا !

 


تَأَمَّلتُ طَريقي... 
نهاري كانَ ذاكِرَتي... 
ولَم يَكُن فَراغًا ما قَبلَهُ... ولَن يَكون... 
أُشيرَ إلينا... ولَم نَكُن نَحسَبُ أنَّ في الحياةِ طَريقًا 
غيرَ الّتي تَتَلاحَقُ فيها نَهاراتٍ؛ 
جَرَّدوا أَمطارَها مِنّا؛ ومِن آثارِنا ..

 


أٌقرَبَ إلى الصَّمتِ، وألصَقَ بالإيحاءِ... 
كانَت الحياةُ تَحشُدُ الأيدي مُتَكَلِّمَةً... 
والنَّهارُ يَرُشُّ ألوانَهُ في وَعيِنا... وَيصخَبُ !
صاعِدينَ إلى ضُحى النَّهاراتِ الْمُتَلاحِقَةِ فينا... 
والحياةُ تُلَوِّحُ شاهِرَةً عَواصِفَها... 
تُجَرِّدُنا مِن حَريرِ الذِّكرَياتِ... 
تَرمينا أصواتًا راكِضَةً، تَستَظِلُّ الطَّريقَ الموغِلَ فينا... ولا تَعود!

 


لَم يَعُد وحيدًا صَوتُنا... 
والنّارُ تَحرِقُ في فَراغِ الذِّكرَياتِ وُجوهًا قَد لَبِسناها أَفانينَ الظِّلالِ العابِرَة... 
عادَ للكَلامِ سِحرُهُ... 
وبَعدَ أن خَلَع المعاطِفَ... واجتازَ المنافي الواطِئَةِ... 
مُستَفيدًا مِن مَزايا الذّاكِرَة ...

 


في السَّيرِ... إِما أَن يَأخُذَنا المكانُ، أو نَأخُذَهُ...  
وإلا.. فَلَن يَكونَ لَنا النَّهارُ... ولَن يَعيشَ الصَّوتُ فينا ..
فَماذا لَو تَناهَبَنا البَصَرُ... 
وذُبنا في تَضاريسِ النَّهاراتِ الغافِيَةِ... 
ورَمَينا في ظِلالِ الأُمنِياتِ طُقوسَنا...
ورَكَضنا مِثلَ روحٍ فارَقَتْ خُيوطَها...
هَل سَيُدرِكُنا المكانُ ؟

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים