وَصِيَّةُ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ ابْنِ سِينا (ت٤٢٨هج)

29.04.2024 מאת: د. لطفي منصور
وَصِيَّةُ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ ابْنِ سِينا (ت٤٢٨هج)


وَصِيَّةُ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ ابْنِ سِينا (ت٤٢٨هج):

 

هَذِهِ الوَصِيَّةُ أوْصَى بِها تِلْمِيذَهُ سَعِيدَ بنَ أَبي الْخَيْرِ الصُّوفيَّ الْمَيْهَنِي قالَ: (الشَّرْحُ مابينَ هِلالَيْنِ لِي، بِالْمَصْدَرِ لا يوجَدُ شَرْحٌ)
“لِيَكُنِ اللَّهُ تَعالَى أَوَّلَ فِكْرِكَ وَآخِرَهُ، وَباطِنَ اعْتِبارِكَ وَظاهِرَهُ، وَلْتَكُنْ عَيْنُ نَفْسِ الرَّجُلِ مَكْحُولَةً بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَقَدَمُها مَوْقُوفٌ عَلَى الْمثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ (الضَّميرُ في قَدَمِها يَعودُ إلَى النَّفْسِ)، مُسافِرًا بِعَقْلِهِ في الْمَلَكُوتِ الأعْلَى ( مَلَكوت مصدَرُ مَلَكَ وَهوَ المُلْكُ أيْ السَّماواتُ والأرضونَ، وَمثْلُه جَبَروتٌ وَرَهَبُوتٌ لِلْقُوََةِ والرَّهْبَة)، وما فيه مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبْرَى ( الضميرُ

 

 

في كلمَةِ فيهِ يعودُ إلَى الْمَلَكوتِ، آياتِ ربِّهِ الكبرى آيَة ١٨ النّجْم) وإذا انْحَطَّ إلَى قَرارِهِ ( الأَرْضِ) فَلْيُنَزِّهِ اللَّهَ تَعالَى في آثارِهِ (مخلوقاتِهِ عَلَى الأَرْضِ وَفيها، والتَّنْزِيهُ إعْلاءُ اسْمِ الْبارِئِ) فَإنَّهُ باطِنٌ ظاهِرٌ، تَجَلَّى لِكُلِّ شَيْءٍ بِكُلِّ شَيْءٍ: المُتَقارَب
فَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ واحِدُ

 


(اللَّهُ الواحِدُ الأَحَدُ الباطِنُ الظّاهِرُ، الأوَّلُ والآخِرُ، نَعْرِفُهُ مِنْ مَخْلوقاتِهِ التي تَجَلَّى عَلَيْها وفيها، وهذا ما يُسَمَّى بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ، فاللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءً، وهوَ في كُلِّ شَيْء. هذا قَوْلُهُمْ، وأخُصُّ بالذِّكرِ مُحْيي الدِّينِ بنَ الْعَرَبِي، صاحبِ نَظَرِيَّةِ وَحْدَةِ الْوُجودِ)
فَإذا صارَتْ هَذِهِ الْحالُ (ما أوصَى بِهِ في البدايَةِ)

 


لَهُ (لِلْإنْسانِ الذي يَنْهَجُ طَريقَ اللَّهِ) مَلَكَةً (طبيعَةً) تَنْطَبِعُ فيها (في النَّفْسِ) نَقْشُ الْمَلَكوتِ (صورَةُ ما في الملكوت)، وَتَجَلَّى لَهُ قُدُسُ اللّاهوتِ (الْعِلْمُ الإلَهِي الرَّبّانِي) فَأَلِفَ الأُنْسَ الأَعْلَى (هذا ما يقولُهُ الصُّوفيُّونَ ومنهم ابْنُ سينا في وُصُولِ المُريدِ إلَى الاِتِّحادِ بالكُلِّ العامِّ فَتنكشِفُ لَهُ أشياءُ يُعَبِّرُ عَنْها بالشَّطَحاتِ الصُّوفيَّةِ) وَذاقَ اللَّذَّةَ الْقُصْوَى (وهوَ الْكَشْفُ أوِ الرُّؤْيَةُ، وَذُكِرَ في الآيَةِ الشَّريفَةِ “فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَديدٌ”) وَأخَذَهُ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ هُوَ بِها أوُلَى (اللَّهُ هو الَّذِي يَتَوَلَّى نَفْسَ الواصِلِ إلَى الِاتِّحاد) وفاضَتْ عَلَيْهِ السَّكينَةُ، وَحَقَّتْ لَهُ الطُّمَأْنِينَةُ، وَتَطَلَّعَ عَلَى العالَمِ الأدْنَى اِطِّلاعَ راحِمِ أَهْلِهِ.

 


(هَذا الْمُريدُ الذي اتَّحَدَ بالٍمَلَكوتِ يَرَى النَّعيمَ ويُشْفِقُ عَلَى مَنْ هُمُ في المادَّةِ والشَّهَواتِ إشْفاقَ الابْنِ الْبارِّ عَلَى أهْلِهِ).
وَلْيَعْلَمْ أنََ أَفْضَلَ الْحَرَكاتِ هِيَ حَرَكاتُ الصَّلاةِ، وَأَمْثُلُ السَّكَناتِ الصِّيامُ، وَأَنْفَعُ الْبِرِّ الصَّدَقَةُ، وَأَزْكَى الْعَمَلِ (الْعِبادَةِ) الِاحْتِمالُ (الصَّبْرُ)، وَأَبْطَلُ السَّعْيِ الْمُراءاةُ، وَلَنْ تَخْلُصَ النَّفْسُ مِنَ الدَّرَنِ ما التَفَتَ صاحٍبُها إلَى قِيلَ وَقالَ، وَمُنافَسَةٍ وَجِدالٍ، وانفعَلَتْ بِحالٍ مِنَ الأحْوالِ .

 


وَخَيْرُ الْعَمَلِ (العملُ هنا الفرائضُ) ما صَدَرَ عَنْ خالِصِ نِيَّةٍ، وَخَيْرُ النِّيَّةِ ما يَنْفَرِجُ عَنْ جَنابِ عِلْمٍ، وَالْحِكْمَةُ أُمُّ الْفَضائِلِ ، وَمَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعالَى أَوَّلُ الأَوائِلًِ”إَلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيَِبُ، وَالْعَمَلَ الصّالِحَ يَرْفَعُهُ” فاطر: ١٠.

 


وَكَذَلِكَ يَهْجُرُ الْكَذِبَ قَوْلًا وَفِعٌلًا، حَتَّى يُحْدِثَ لِلنَّفسِ هَيْئَةً صَدوقَةً، فَتَصْدُقُ الأَحْلامُ وَالرُّؤْيا أيْ يَتَحَقَّقُ حِلْمُهُ في الواقِعِ لِصَفاءِ النَّفْسِ مِنْ شَوائِبِ الدُّنْيا).

 


وَأمّا اللَّذّاتُ فَيَسْتَعْمِلُها عَلَى إصْلاحِ الطَّبيعَةِ ( الضَّرورَةُ الْجِنْسِيَّةُ لِإصْلاحِ البَدَنِ) وَإِبْقاءِ الشَّخْصِ وَالنَّوْعِ والسِّياسَةِ (المُعامَلَةِ).
 


مصدرُ الوصِيَّةِ:
مسالِكِ الأَبْصار، في مَمالِكِ الأَمصار
(الحُكَماءُ والفلاسِفَةُ)
لابْنِ فضلِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ (كاتبِ صَلاحِ الدِّينِ)
مكتبةُ الثَّقافَةِ الدِّينِيَّةِ، القاهرَة (2009)

 

 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים