أطفالنا هم فلذّات أكبادنا

"الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عوّد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكلّ معلّم له ومؤدّب، وإن عُوِّد الشر وأهمِل إهمال البهائم شقى وهلك وكان الوزر في رقبة القيّم عليه والوالي له".

07.06.2014 מאת: د. حسام خليل منصور
أطفالنا هم فلذّات أكبادنا

بمناسبة يوم الطفل العالمي

يصادف الأول من شهر حزيران في كل سنة يوم الطفل العالمي، وتتم في هذا اليوم دعوة لرعاية الطفل (تتراوح الطفولة بين الولادة والبلوغ وتشمل الصّبا وقسمًا من المراهقة)، رعاية تضمن له حقّ الحياة الكريمة كحقّ المسكن وحقّ المأكل والمشرب والرعاية الصحية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بتوفير هذه الأمور فقط، نكون قد هيّأنا لأطفالنا حياة كريمة وعيشة سعيدة؟ قد يجيب البعض بنعَم، فإننا نوفّر لأطفالنا كلّ هذه الأمور، وزيادة على ذلك، نعلّمه ونشتري له الملابس، الألعاب، الحاسوب، الآيفون، الآيبد وغير ذلك، فماذا ينقصه؟

لهؤلاء نقول ما قاله أحد الفقهاء في هذا الصدد: "الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عوّد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكلّ معلّم له ومؤدّب، وإن عُوِّد الشر وأهمِل إهمال البهائم شقى وهلك وكان الوزر في رقبة القيّم عليه والوالي له".

نستنتج من هذا الكلام أن الصبي غير مسؤول، غير مُلام وغير مذنب، وإنما الذنب يقع على الوالي له والقيّم عليه والمسؤول عنه، إن كان أهله أو غيرهما. ونضيف كما يحسب أحد الفقهاء أن أطفال اليوم يحصلون مستقبلا على مكانة وعزة بالقدر الذي يُبذل في تربيتهم وتقويمهم، وينحرفون بقدر ما يُهمَلون. ويعتبر فقيه آخر الأولاد هبة من الخالق، ويضيف بأن الأولاد أمانة عند والديهم، وبأن آباءهم وأمهاتهم هم المسؤولون عنهم، فإن أحسنوا تربيتهم في نطاق الدين كانت لهم المثوبة، وإن أساءوا وأهملوا استحقوا العقوبة. تقودنا جميع هذه الآراء وهذه الأقوال إلى حقيقة مفادها أن الطفل أمانة عند والديه وهما مسؤولان عن تربيته وأفعاله سواء الأفعال الحسنة أو السيئة، فهما يستحقان الثواب إن عوّداه على الخير ويستحقان العقاب إن عوّداه على الشر.

ويجب التنويه إلى أن التربية شيء والتعليم شيء آخر، والتربية سابقة للتعليم وهي ذات أهمية أكبر، لأنه لا يجوز تزويد الطفل بكل أنواع الثقافات، العلوم، المعلومات والمعارف قبل تهذيب أخلاقه وتهيئته للتعليم. وتشبه التربية بالأساس تهيئة الأرض إلى الزراعة، فيعمل الفلاح على تعزيلها من الأحجار ونكْشها وحرْثها لتصير قابلة للزراعة بالمنتوجات المختلفة، ويشبه ذلك تعليم الطفل بالعلوم المختلفة التي تلائمه، ويكون التعليم على مراحل وحسب ميول الطفل (كما قال الشيخ منير فرو في مقالته "نظرة في التربية والتعليم").

وقد قال المثل ربِّ ابنك صغيرًا تفرح به كبيرًا. ومن الأمثلة البسيطة في ظاهرها، العميقة في جوهرها للتربية والأمور الحسنة التي يجب على الوالدين والمربّي أن يعوّدوا الطفل عليها، القناعة التي هي أساس كل نجاح وخير سبيل للوصول إلى برّ الأمان. وليس صدفة قيل في المثل "القناعة كنز لا يفنى"، فالقناعة فضيلة بين رذيلتين البخل والتبذير.

وقد ينعكس البخل من خلال حرمان الطفل من أشياء كثيرة، وقد يتمثل التبذير بإعطائه كل ما يطلب، والطريقتان خاطئتان وتسبّبان سلوكيات سلبية كالسرقة (نعَم، لا تُعتبر سرقة الطفل والصبي سرقة بالمفهوم الجنائي والقانوني، ولكنها تُعتبر محرّمة دينيا وأخلاقيا وتعدّيًا على القِيَم الاجتماعية، ويتربّى عليها الطفل حتى تصبح عادة عنده، ولاحقًا تصير جنائية عند سنّ البلوغ وحتى ما قبله بقليل) حيث يولّد الحرمان النقص، وبالتالي يقود الطفل للبحث عن تعويض هذا النقص حتى بالطرق السيئة، ويولّد العطاء الحرّ عدم الشبع وعدم القناعة، ممّا يؤدّي بالطفل في أوقات الضراء والصعوبات للتعويض عما نقصَ ولو كان ذلك بطرق غير مسموحة وغير مشروعة.

للإجمال، يا حبّذا لو ربّينا أطفالنا على القناعة منذ الصغر حتى يشبّوا عليها أبناء صالحين قياسًا على المثل القائل: "العلم في الصغر كالنقش في الحجر".

د. حسام خليل منصور                                  
محاضر في موضوع أدب الأطفال

תגובות

7. منير حمدان לפני 12 שנים
الحوار الحق
6. عادل לפני 12 שנים
الى الموحدة هذا مقال حق وكلام احق وتوجيه صالح
5. منير حمدان לפני 12 שנים
ألتوحيد والعطاء
4. الكاتب לפני 12 שנים
تربية أطفالنا
3. موحدة לפני 12 שנים
لك أقول
2. מהא לפני 12 שנים
תודה ד"ר חוסאם
1. منير حمدان לפני 12 שנים
تربية أطفالنا

מומלצים