نظــرة في العيد مفهومــا، تــاريخا ومصطلحــا!!!

العيد هو من العودة والإعادة والتكرار وهذا يعني التجديد ، فالحياة تكمن فيها أسرار وإلغاز يعجز العقل البشري عن إدراكها دون تعليم ممن خصّهم الله بفيض النبوة.

07.11.2010 מאת: פורטל הכרמל והצפון
نظــرة في العيد مفهومــا، تــاريخا ومصطلحــا!!!

فكل شيء في الحياة يتجدد لينبعث من جديد بهدف الاستمرار والبقاء ، فتتساقط أوراق الأشجار في الخريف لتعود لتزهر من جديد في الربيع، تغيب الشمس في آخر النهار لتعاود إطلالتها من الشرق لتشرق من جديد، لقوله تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها"،  وبإشراقها المتجدد تعود معلنة عن بدء يوم جديد، ومن هنا جاءت تسمية  الليل والنهار بـ "الجديدان" لأنهما يتجددان ، وبهذا التجدد تعاود البشرية نشاطها بعد قضاء يوم شاق في العمل الدؤوب.

هكذا الحياة دوران في دوران متكرر، كدورة الدم في عروقنا لنبقى على قيد الحياة ، هذه هي عظمة الخالق في بقاء صنعته واستمرارها، التي حار بها علماء الطبيعة، وجعلتهم في شك متماد، لعدم ارتباطهم بالإيمان في هذا الصانع، القادر، القاهر، العظيم، الحكيم، العليم، الذي ليس له بداية ولا نهاية، بل هو موجود قبل الدهور والأزمان، منفرد بالعظمة والبقاء، حي لم يزل وباق ليس له اجل، وهو خالق البداية والنهاية واليه ترجع كل الأمور، عظم شأنه وعز سلطانه، ليس له في ملكه شريك ولا في خلقه نظير، بل له الملك والملكوت والقدرة والجبروت، وكما قال تعالى عن ذاته العظيمة في كتابه المجيد: "ليس كمثله شيء"، جل ذكره ولا معبود سواه.

لقد أثبت العلماء أن الشكل الدائري هو أفضل للبقاء، لذلك النظام الكوني والأفلاك والكواكب بما فيها الأرض أشكالها دائرية، وذلك كمثل عجل المركبة الدائري فهو أسهل للدوران والبقاء من الشكل المربع والمسدس والمخروطي وغيرها من الأشكال الهندسية .

وها نحن في دورة الأعياد لنستقبل رأس السنة ميلادية جديدة، دلالة على ولادة جديدة لرسول كريم، نزل من السماء، وولد روحا قدسيا، وألم وصلب ( الإسلام لا يتفق مع عقيدة صلب المسيح، ويقول بأنه شبه بصلبه وهذا الشيء يحتاج إلى دراسة عميقة واستدلالات وبراهين قاطعة، ولكن الإسلام يتفق برفع عيسى عليه السلام إلى السماء وانه ما زال حيا ويعتقد بعودته يوم القيامة ليقتل الدجال اللعين ويطهر الأرض ويملأها عدلا وقسطا بعد ملأها جورا وظلما )  ليجعل من نفسه كبش فداء و قربانا لمغفرة الخطايا و الذنوب ولمحو خطيئة ادم وحواء ولهذا جاء ، ثم دفن وقام بعد ثلاثة وصعد إلى السماء ليعود تارة أخرى يوم القيامة( والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بعودة المسيح في آخر الزمان ) ليكشف ما جاء به من الرموز وقت الإنجيل ويقتل الدجال ويقضي بين الأحياء والأموات وتستمر دعوته ألف سنة (الميلينيوم) .

وأيضا لنستقبل عيدا أضحى جديدا ومباركا والذي يأتينا كل عام في 10 من ذي الحجة ليبعث فينا روح الأمل والنشاط ، للاستمرار في الحياة التي باتت اليوم عبئا ثقيلا على البشرية بسبب الرأسمالية الجشعة والعلمانية الملحدة والعولمة الباغية والاستعمار الغاشم والحرية المعسولة التي أتت بالدمار والخراب أكثر من المنفعة ، وهي في النهاية سوف تكون تعاسة البشرية وليست سعادتها .

فالعيد هو من العودة إلى ذواتنا، والتأمل في أسرار هذا الكون البديع، والوقوف على أسرار الروح الموجودة داخل أجسادنا وبدونها يكون الموت، وندرك ما سر الوجود وسر وجودنا وسر دوران الأيام والأفلاك والكواكب واشراقة الشمس وغروبها وتجدد الطبيعة ، فالإنسان عليه الاعتبار بهذه الأحكام والأنظمة الكونية والتي هي على غاية من النظام والإتقان والتي لم توجد لمجرد الصدف ولم تكن لتوافق داروين في نظريته " النشوء والارتقاء "، التي هي سبب لوجود الأفكار الكفرية كالشيوعية الماركسية ذات النظرة الديالتيكية الجدلية والتي منها خرجت الرأسمالية الإمبريالية ودعت الإنسان إلى الصراع مع الله وإنكار وجوده، وقد ثبت مؤخرا عدم صحة حقيقة هذه النظرية .

إن النظام الكوني دلالة كبيرة على عظمة صانعه وخالقه التي حارت به العقول والألباب وعادت الأبصار خاسئة حسيرة لكمال الصنعة، وبما أن عيد الأضحى وهو العيد الكبير وهو عيد النحر عيد التضحية، عيد "الله وأكبر"، عيد نتذكر فيه يوم القيامة، يوم الراجفة، يوم الآزفة، يوم الطامة، يوم القارعة، يوم الدين والعرض والحساب، يوم النشور، يوم الواقعة، يوم الوعيد، يوم الحسرة والندامة، يوم  الجمع والتلاق، يوم الزلزلة، يوم وقوف الخلق أمام الخالق، زرافات زرافات يعرضون فيه على الحساب ليجازوا فيه على ما قدّموا وما أخروا من السيئات والحسنات،  يوم يأمر الله بنحر المخالفين لطاعته، والكافرين بنعمته، فهو يوازن العيد الصغير، عيد الفطر أول الأيام بعد شهر الصيام في رمضان.

فهو يصادف يوم الحج وهو الركن الخامس في الإسلام وهو المجيء إلى مكة المكرمة والوقوف على جبل عرفات وإقامة شروطه من الإحرام والوقوف بعرفة والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والطواف والدوران يكون حول الحجر الأسود الكعبة شرّفها الله والتي هي البيت العتيق الذي اعتقه الله من وجه الجبابرة وقصة طير الأبابيل لأعظم برهان وأول من بناها سيدنا ادم عليه السلام قبل الطوفان لتكون قبلة تحج إليها الناس فيما بعد ، ثم جاءها بعد الطوفان سيدنا إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليه السلام وكانت "أرضا غير ذي زرع" خالية من الماء مضحيا بابنه الذي جاءه بعد كبر ، تعبيرا عن مدى إيمانه بخالقه، فافتداه الله بكبش القصة .

لذلك مكة المشرفة لا تقل قيمة عن القدس فهي كما القدس، مقدسة لجميع الديانات، لأنها في الحقيقة بناء ادم عليه السلام أبي البشر، وموضع قدم أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، وهناك أمره الله بان يذبح ابنه قربانا وامتحانا لعقيدته،  لذلك في الجاهلية أي قبل الإسلام، كان الناس على اختلاف أديانهم يحجون إلى بيت مكة ويتباركون به ويقدمون الأضحية ويعلقون قصائدهم ومعلقاتهم على الحجر الأسود ، وايضا عندما فر النبي موسى عليه السلام من فرعون مصر جاء إلى مكة بوحي من الله .

إن الأضحى مشتقة من كلمة ضحى، وهو الافتداء ومعناها القربان والتقرب والامتحان، والأنبياء كانوا أول من يمتحنهم الله في تأدية وتبليغ الرسالة، ليكونوا مثلا يقتدى بهم، لذلك من يقرأ قصص الأنبياء يرى فيها أن الله كان يمتحنهم، فيسلط عليهم المحن والعداوات والأمراض، وأصعب امتحان كان أن يقدموا اعز شيء على قلوبهم قربانا.

كامتحان سيدنا إبراهيم بابنه، وكامتحان سيدنا يعقوب بفقدان يوسف ثم بنيامين، وامتحان سيدنا أيوب بالمرض، وامتحان سيدنا سليمان بالملك، وامتحان سيدنا يوسف بالسجن، وسيدنا يونس بفقدان أسرته وابتلاع الحوت له،  فبدون التضحية ما كان النبي يحظى بتأييد الله، وعندما كان النبي يقبل أمر الله كان يحظى بعطاء الله، كما حظي سيدنا إبراهيم الخليل بابنه عندما رضي أن يضحي به،  ولا ننسى أن المفتدى به كان راضيا  بما يفعله سيدنا إبراهيم مرضاة لخالقه، حتى صار يرشده في كيفية شد وثاقه، وكيفية وضع السكين على رقبته، وأيضا عندما رضي سيدنا يعقوب واستسلم لقضاء الله وابتلائه حظي بابنيه يوسف وبنيامين حتى صار اللقاء، لذلك الأنبياء هم في السلم  الأعلى للامتحان، ثم الأولياء،  ثم الأدنى بالأدنى كل حسب درجته حتى يصبح في إمكان كل نفس بشرية ان تضحي بكل ما تملكه من روح وجسم ومال وأهل وولد لله تعالى مالك الملك وباعث الرزق أسوة حسنة بالأنبياء .

لذلك عيد الأضحى تشترك وتتوحد فيه جميع الديانات، فاليهود أيضا يحتفلون فيه ويسمونه " عقيدة إسحاق "، باعتقادهم أن القربان كان إسحاق لامه سارة وليس إسماعيل لامه هجر، والقران لم يذكر من هو الذبيح ولكن يتفق المفسرون على أنه إسماعيل، لأنه لو كان الذبيح إسحاق وقدّر الله بذبحه لما ظهر منه الأسباط الاثنعشر، وبقية الأنبياء والله أعلم، ثم يقف الحجاج على جبل عرفة لينحروا الذبائح لتوزع على الفقراء والمساكين لقوله تعالى : " فصلّ لربك وانحر إن شانيئك هو الأبتر ".

وأيضا : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون "، لان التضحية هي الفداء وشق الأنفس في قيام فرائض الله،  لقوله جل وعلا عن الحج : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "، فالدوران والطواف حول الكعبة ما هو إلا سر عظيم، مرتبط بسيدنا ادم، ثم بفداء سيدنا إبراهيم الخليل، وما فداء يسوع المسيح عنهم ببعيد، وبأسرار هذا الكون البديع، فالطواف سبع مرات والأفلاك سبعة وعدد الأيام سبعة والسموات سبع وسبع ارضين وسبعة جبال وسبعة بحار، والمثاني سبع وهي سبع الآيات  التي تؤلف سورة الفاتحة في القران، وأيضا تعني السبع السور الطوال، والقران له سبع معان وسبعة أسباع وسبعة صنوف وسبع قراءات وسبعة أحرف وسبع لهجات، والسعي بين الصفا والمروة سبعة.. ودركتها سبعة.

وكذلك رمي الجمار سبعة. وأبواب جهنم سبعة ودركتها سبعة :" لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم"، وامتحان يوسف عليه السلام سبع سنين، لقوله تعالى:" فلبث في السجن بضع سنين" ، وإيتاؤه ملك مصر سبع سنين :"وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان" ، وتركيب الإنسان على سبعة أعضاء..وخلقه من سبعة أشياء .

ورزق الإنسان و غذاؤه من سبعة أشياء. وأمر بالسجود على سبعة أعضاء. وضرب الله المثل لمن ينفقون أموالهم في سبيل الله بحبة انبتت سبع سنابل.. ومقاطع شهادة " لا اله الا الله محمد رسول الله " سبع،  واعجازات القران في هذا الشأن لا تعد ولا تحصى وهي عبرة لأولي الإيمان، كما قال تعالى في كتابه العزيز : " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله".

فالعيد إذا هو الرجوع إلى المعرفة اليقينية، وأسرار الديانات السماوية، والامتناع عن كل ما يغضب الله وأنبياءه، وتجنب الصغائر والكبائر من الذنوب، كالقتل، الزنا، السرقة، الغش، الفسق، أفكار السوء التي تنجس الإنسان الغيبة والنميمة والحسد والكبر والعجب والجاه وحب الرئاسة. 

كما قال يسوع المسيح عليه السلام : " ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان... ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف هذه هي التي تنجس الإنسان.

وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان" وأيضا الاعتراف بأننا عبيد وفقراء إلى الله خالقنا ومصورنا ومحيينا لنطلب مغفرته ونتوب إليه ليرحمنا برحمته ويجمعنا تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله. 

 جعل الله أيامنا كلها أعيادا فرأسا ميلادية مباركة وحجا مبرورا وأضحى مباركا  تقبّل الله الجميع بحسن النوايا والمعتقد وكل عام والجميع بألف خير وسلام يرفرف بيرقه على المنطقة التي ملّت الحروب وزهق الأرواح .

תגובות

2. نفسي يا نفسي לפני 13 שנים
ما معنى هذا الشي؟
1. منفعل לפני 13 שנים
منفعات

מומלצים