اضْرابُ الْمُعَلِّمِينَ

28.06.2022 מאת: بروفيسور لطفي منصور الطيرة
 اضْرابُ الْمُعَلِّمِينَ


 اضْرابُ الْمُعَلِّمِينَ
خُطُواتُ اضْرابِ الْمُعَلِّمينَ يُجِلُّها وَيُقَدِّرُها كُلُّ مَنْ عِنْدَهُ غَيْرَةٌ عَلَى وَضْعِ الْمُعَلِّمينَ الْمُزْرِي، مِنْ ناحِيَّةِ الرّاتِبِ الْمُتَدَنِّي، وَمَكانَتِهِ الْوَضِيعَةِ في السُّلَّمِ الِاجْتِماعِي، وَنَظْرَةِ الْأَهالي السَّلْبِيَّةِ إلى الْمِعَلِّمينَ، بِاتِّهامِهِمِ الْمُباشَرِ في تَرَدِّي مُسْتَوَى التَّعْليمِ عِنْدَ الطُّلّابِ خاصَّةً في الْوَسَطِ الْعَرَبِيِّ.

 


الْمُعَلِّمُ في هَذِهِ الْبِلادِ مُحْبَطٌ، وَ أَعْنِي الْمُعَلِّمَةَ أَيْضًا، هُوَ مُثْقَلٌ بِإعْداد واجِباتِهِ الْمَدْرَسِيَّةِ، وَأَنا شاهِدُ عَلَى هذا، فَعِنْدِي ابنتانِ مُعَلِّمَتانِ وَأرْبَعُ حَفيداتٍ مُعَلِّماتٍ، وَأَرَى وَأَلْمَسُ الْجُهْدَ الْمُضْنِي الذي تَبْذُلُهُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ في إعْدادِ الدُّروسِ. فَفي زِياراتِ الجُمُعَةِ لَنا تَسْتَغِلُّ الواحِدَةُ مِنْهُنَ حاسوبي الْمثْقَلُ بِالْأَبْحاثِ والْكُتُبِ وَالْمَنْشوراتِ لِتُكْمِلَ عَمَلًا بَدَأَتْ بِهِ في بَيْتِها لِتُتِمَّهُ عِنْدَنا أَثْناءَ الزِّيارَةِ.

 


الْيَوْمَ، وفي عَصْرِتَفَجُّرِ الْعُلُومِ التِّكْنُولوجِيَّةِ وغَيْرِها، أَصْبَحَ كُلُّ طالِبٍ عالَمًا قائِمًا بِذاتِهِ، فَتَضاعَفَتْ جُهُودُ الْمُعَلِّمِينَ، وَزادَتْ مَسْؤولِيّاتُهُمْ في الْإرْشادِ والتَّوْجيهِ والوَظائِفِ الْبَيْتِيَّةِ. وَلِأَسَفِنا الشَّدِيدِ الْبَيْتُ عِنْدَنا لا يَقومُ بِواجِبِهِ عَلَى الْأكْثَرِ تُجاهَ أَبْنائِهِ. وَلْيَعْلَمِ الْآباءُ أَنَّ خَلَلَ الْبَيْتِ لا تُصْلِحُهُ الْمَدْرَسَةُ.

 


رَواتِبُ الْمُعَلِّمينَ جامِدَةٌ جُمودَ الصَّخْرِ الصَّلْدِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ عِقْدَيْنِ مِنَ الزَّمانِ . وَالْغَلاءُ الْفاحِشُ في صُعُودٍ، فَلا مَجالَ لِلتَّحَمُّلِ .

 


يَجِبُ ألّا يَقِلَّ راتِبُ الْمُعَلِّمِينَ عَنْ راتِبِ الْأَطِبّاءِ، خاصَّةً الْمُعَلِّمينَ حَمَلَةَ اللَّقَبَ الثّاني، اللَّذِينَ لا يَقِلُّ إعْدادُهُمْ عَنْ إعْدادِ الْأَطِباءِ. قالَ الشّاعِرُ:

 

مِنَ الْكامِل إَنَّ الْمُعّلِّمَ وَ الطَّبيبَ كِلاهُما


                    لا يَنْصَحانِ إذا هُما لَمْ يُكْرَما


فَاصْبِرْ لِدائِكَ إنْ أَهَنْتَ طَبِيبَهْ


            وَاصْبِرْ لِجَهْلِكَ إنْ جَفَوْتَ مُعَلِّما


لا بُدَّ مِنْ زِيادَةٍ أَساسِيَّةٍ نَوْعِيَّةٍ في رَواتِبُ الْمُعَلِّمِينَ، لا تَقِلُّ عَنِ  نِصْفِ الرّاتِبِ، وَمُضاعَفَةِ الْفارِقِ في الدَّرَجَةِ مَرّاتٍ عِدَّةٍ بَيْنَ اللَّقَبَيْنِ الْأَوَّلِ والثّاني. عِنْدئِذٍ يَنْجَذِبُ الطُّلّابُ الْمُتَفَوِّقُونَ إلى سِلْكِ التَّدْرِ يسِ. وهذا مِنْ شَأْنِهِ أنْ يَرْفَعَ مُسْتَوَى التَّعْلِيم.

 


إنَّ مِهْنَةَ التَّدْرِيسِ شاقَّةٌ مُتْعِبَةٌ، لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَرْواحٍ وَنُفُوسٍ، وَتَرْبِيَةِ أَجْيالِ الْمُسْتَقْبَلِ ، فَهِيَ رِسالَةٌ مُقَدَّسَةٌ تَحْتاجُ إلى تَضْحِيَةٍ، ألا يَحِقُّ لِهذا الْإنْسانِ  أَنْ يَعِيشَ بِكَرامَةٍ وَاحْتِرامٍ؟


يَقُولُ الشّاعِرُ إبراهيم طوقان رادًّا عَلَى أميرِ الشُّعَراءِ شَوْقي: في قَوْلِهِ مِنَ الْكامل


قِفْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلا


           كادَ الْمُعَلِّمُ أنْ يَكُونَ رَسُولَا


لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقي ساعَةً


            لَقَضَى الْحَياةَ شَقاوَةً وَخُمُولا


حَسْبُ الْمُعَلِّمِ غُمَّةً وَكَآبَةً


                 مَرْأَى الدَّفاتِرِ بُكْرَةً وَأَصِيلَا


مِائَةٌ عَلَى مِائَةٍ إذا هِيَ صُلِّحَتْ


       وَجَدَ الْعَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا


لَوْ كانَ في التَّصْليحِ نَفْعٌ يُرْتَجَى


            وَأَبٍيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيونِ بَخِيلَا


لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَةً نَحْوِيَّةً 


                  مَثَلًا وَأَتَّخِذُ الْكِتابَ دَليلا


مُسْتَشْهِدًا بِالْغُرِّ مِنْ آلائِهِ


                   أَوْ بِالْحَدِيثِ مُرَتَّلًا تَرْتِيلا


وَأَكادُ أُحْيِي سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبِلَى


        وَذَوِيهِ مِنْ بَيْنِ الْقُرونِ الْأولَى


فَأَرَى "خَرُوفًا" بَعْدَ ذَلِكَ كُلَِهِ


           رَفَعَ الْمُضافَ إلَيْهِ وَالْمَفْعُولا



هَذا هُوَ الْمُعَلِّمُ الْبائِسُ الَّذِي يَتَآمَرونَ عَلَيْهِ وَعَلى قُوتِ عِيالِهِ أَلا يَحِقُّ لَهُ أنْ يُضْرِبَ وَيَصِيحُ قائلًا:


لا تَعْجَبُوا إنْ صِحْتُ يَوْمًا صَيْحَةً


              فَوَقَعْتُ ما بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلَا

 

 

 

مال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

תגובות

מומלצים