الحركة الأدبية والحركة الإعلامية إلى أين؟؟

هل يجب على الكاتب أو الشاعر أو الأديب أو الإعلامي معرفة اللغة العربية الصحيحة؟ وهل ينبغي للنص الاحتواء على رسالة معيّنة؟ سأتناول في هذه العجالة موضوع الحركة الأدبية والإعلامية ومكانة اللغة العربية ووضْعها ضمن الحوار الأدبي والإعلامي في أيامنا هذه.

14.05.2017 מאת: د. حسام خليل منصور
الحركة الأدبية والحركة الإعلامية إلى أين؟؟

وحين نتحدّث عن اللغة العربية، فإننا نتحدّث عن المعنى، اللغة، المضمون، النحو، الخط، الإملاء وغير ذلك. أما المعنى فهو علامة موجودة في النص الأدبي تشير إلى وجود تماسك منطقي بين عناصره ووحداته، وهو يوجّه رسالة ذات مضمون سياسي، اجتماعي، ديني، تاريخي أو أي رسالة من أي نوع آخر. وقد تعدّدت النظريات في المعنى الأدبي، فهناك مَن يرى أن المعنى الأدبي مرتبط بالكاتب وهناك مَن يحيله إلى الواقع.

أما بالنسبة للقسم الأول الذي يربط المعنى بالكاتب، فيرى الكاتب الإنجليزي س.أ. مونتيجو في كتابه "مذكرات كاتب على مهنته"، أن الكاتب، أي كاتب، يعبّر عندما يشرع في الكتابة عن رغبة في نفسه. ويزعم ب.د. يوهل أن معنى النص مرهون بالمؤلف ولا يجوز فصْله عنه بتاتًا، لأنّ تفسير النصّ بدون ربْطه بالكاتب أمْر عبثي بدون فائدة. ويجعل هيرش معرفة نية المؤلف شرطًا فيقول في ذلك: "لا يمكننا أن نتكلم عن تفسير قاطع على الإطلاق، إلا إذا افترضنا وجود نية للمؤلف لتحكم ذلك التفسير".

أما فيما يخص القسم الذي يحيل المعنى إلى الواقع، فيحسب المفكر المجري لوكاتش، أن كل عمل أدبي وخاصة روائي، مسحوب بخلفية تاريخية، بمعنى أن الروائي الواقعي يخلق شخصياته بأبعاد اجتماعية وليست فردية ذاتية، بحيث تجسّد هذه الشخصيات أنماطًا اجتماعية وتاريخية سائدة في المجتمع. ويقول طه حسين في هذا الصدد، إن الأديب بالرغم من الحرية المعطاة له، إلا أنه لا يحق له استعمالها في الانعزال عن المجتمع، لأنه يكون بذلك، مثله مثل الفرد الأناني الذي يستعمل حريته في عدم المنفعة لأحد، أو يكون كالجندي الذي يستعمل حريته في التخلف عن الدفاع، أو كالجاهل الذي يستعملها في الامتناع عن التعلّم والتثقف.

وهناك مَن يزعم أن الأدب الجيّد يحمل في طيّاته صياغة ثانية وجديدة للواقع، وأنه ليس انعكاسًا له، فيقول فرويد في ذلك: "الفنان/الكاتب- في الأصل- رجل تحوّل عن الواقع لأنه لم يستطع أن يتلاءم مع مطلب نبذ الإشباع الغرزي، كما وضع أولا، وبعد ذلك أطلق العنان في حياة الخيال لكامل رغباته ومطامحه".

وقد سُئِلَ غسان كنفاني عمّا إذا كان الأدب تعبيرًا عن الواقع أم هروبًا منه إلى الماضي أو مجابهة الحاضر، فأشار إلى أن الروائي هو كل العوالم مجتمعة. ومتى ما فُقِد هذا المعنى في النص، نكون بذلك قد فقدْنا ركنًا هامًّا من أركان اللغة. وفيما يخص الحركة الإعلامية، فيوجد لوسائل الإعلام المقروءة، المرئية والمسموعة تأثير كبير على بلورة آراء المواطنين تجاه أمور ومجالات الحياة المختلفة- الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الأدبية وغيرها.

أضف إلى ذلك، تزوّدنا وسائل الإعلام المقروءة، المرئية والمسموعة بكثير من الأخبار المحلية والعالمية في المجالات المختلفة، وهذا بحدّ ذاته أمْر يسهّل على الإنسان مواكبة الأحداث والمستجدات.

بالرغم من ذلك، أودّ أن ألفت نظر أصحاب وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة، إلى بعض النقاط التي توجب الانتباه والمراجعة لما فيها من تأثير سلبي على المواطن وعلى أفراد المجتمع، وخاصة على تلاميذنا وطلابنا وأولادنا الذين يطالعون الصحف الأسبوعية، والمواقع الإليكترونية التي تتغير وتتجدد أخبارها والمقالات التي تنشر فيها يوميا تقريبا.

تتمحور هذه النقاط حول عدم تجريح الآخرين واحترام خصوصياتهم، فلكلّ إنسان خصوصياته وحياته الخاصّة، ويجب على الآخرين احترام ذلك، وكلّ ما يقوم به من أفعال أو أقوال داخل بيته يبقى خاصّا به، ولا علاقة له بالآخرين. يمكن الاختلاف بالرأي، ولكن الاختلاف بالرأي لا يُفسِد للودّ قضية. يمكن أن نتحاور ونتناقش ونحاول إقناع بعضنا بصورة لبقة وبحجج وبراهين علمية.

وحتى نستوفي الصورة، يجب علينا إرفاق هذه الأمور بأركان أخرى لا تقلّ أهمية عنها، ومن ذلك، الإملاء الجيّد، النحو الصحيح والطباعة السليمة. والسؤال المطروح في هذا الصدد هو: ما هو الحدّ الأدنى للمستوى اللغوي المطلوب من الأديب، الشاعر، الكاتب والإعلامي حتى يكون مقبولا على الساحتين الأدبية والإعلامية، وأيضا في الحوارين الأدبي والإعلامي؟

أعتقد أنه يجب على الأديب أو الشاعر أو الكاتب أو الإعلامي قبل مزاولته موهبته أو مهنته، معرفة أصول اللغة العربية وقواعدها، وكذلك التمكن من الكتابة الإملائية الصحيحة والاهتمام بالطباعة السليمة، هذا إضافة إلى وضْع علامات الترقيم في مكانها المناسب، وفقط في النهاية، البدء بمزاولة هذه الموهبة أو المهنة.

آمل من الأدباء ورجال الإعلام بأنواعه المتعددة، التطرق إلى هذا الموضوع لنثير نقاشا أدبيا وحوارًا على مستوى المسؤولية قد يعود بالفائدة علينا جميعا، وخاصة طلابنا وتلاميذنا حيث يتعلمون اللغة العربية الصحيحة واحترام الرأي الآخر، ويشترك في هذا الحوار رؤساء المجالس والمسؤولون والمنتَخَبون، لأن العلاقة بينهم وبين رجال الإعلام متبادَلة، فهم الذين يعطون الإجابات عن أسئلة رجال الإعلام ومطالب الجمهور.

كما أقترح إقامة سلسلة من الندوات الثقافية تناقش القضايا الأدبية والإعلامية المختلفة والمتنوعة. 

תגובות

מומלצים