للتاريخ ذاكرة ولئلا يزور التاريخ يجب أن يكتب

عُرضت في معرض عام للشيخ سامي حوراني في المركز الثقافي دالية الكرمل, صور التقطت من عدسة كمرته وأخرى جمعها من مناسبات مختلفة في بلدنا دالية الكرمل, إلا أن الشيخ سامي تجاهل " ولغرض في نفس يعقوب " بعض الحقائق الواضحة على ساحة بلدنا الاجتماعية والسياسية.

16.06.2018 מאת: رافع حلبي
للتاريخ ذاكرة ولئلا يزور التاريخ يجب أن يكتب

للتاريخ ذاكرة لا يمحوها الزمن مهما عصفت فيها رياح الأيام والسنين . . . عُرضت في معرض عام للشيخ سامي حوراني في المركز الثقافي دالية الكرمل , صور التقطت من عدسة كمرته وأخرى جمعها من مناسبات مختلفة في بلدنا دالية الكرمل , إلا أن الشيخ سامي تجاهل " ولغرض في نفس يعقوب " بعض الحقائق الواضحة على ساحة بلدنا الاجتماعية والسياسية دون أن يكترث لمشاعر وأحاسيس أبناء هذا البلد المعطاء الطيب محاولاً محو وطمس تاريخ أشخاص كان لهم الدور الأكبر والأهم والتأثير على طريق ومسيرة بناء دالية الكرمل واستثنى الشيخ سامي صورهم من المعرض ووضع صوراً لجميع من ماثله بعمله دون أن يوضح ما سبب هذا العمل المسيء لقسم كبير جداً من أبناء مجتمعنا العامر , والشخصية التي استثناها تمتاز عن جميع الرؤساء الآخرين بقيادتها الحكيمة وجرأتها وحكمتها وحركتها وقوة شخصيتها وعملها وأدبها وخصالها الحميدة ودفاعها عن الحق والعائلات المستورة , وخدم أهالي دالية الكرمل في فترة الانتداب البريطاني من خلال منصبه كمختار للقرية لمدة طويلة.

عرض الشيخ سامي للجمهور صور مشايخنا الأفاضل وزوايا تراثية تربوية هامة من معالم بلدنا وعرض أيضاً صور رؤساء المجلس المحلي منذ تأسيسه وحتى الآن إلا أنه استثنى وتجاهل وعلى ما يبد عن قصد صورة مؤسس المجلس المحلي في دالية الكرمل الزعيم الراحل الشيخ أبو علي قاسم رفعت حلبي ولم يعرضها في مجموعة صور الرُؤساء.

نقول للشيخ سامي : " ليست هكذا تورد الإبل ", فمحو جزء من تاريخ هذا البلد العريق لا يشرف أحد ولا يزيد في قدر أحد , إلا أن هذه الظاهرة السلبية في تشويه الحقيقة وتزوير التاريخ تضر وتنسف كل المبادئ والمقاييس التي تربينا عليها , وعلينا جميعاً قول الحق حتى لو كان مراً أو على أحد أبنائنا وأفراد أسرتنا الخاصة , لهذا قررنا علناً أن نتوجه للجمهور الراقي المثقف الرائع المحب للحق في بلدنا والذي من حقه معرفة الحقيقة كاملة عن أناس خدموا دالية الكرمل والمجتمع بأسره دون أن يحاسبوا الناس على أفكارهم وتوجهاتهم , والشيخ المرحوم أبو علي قاسم رفعت علي حلبي هو مؤسس المجلس المحلي في دالية الكرمل لكونه مختاراً للقرية من العام 1941 ولغاية تأسيس المجلس المحلي في العام 1951 حيث عينت لجنة تحضيرية من وجهاء البلدة في حينه حتى الانتخابات , عار علينا جميعاً أن نتصرف مثل الجبناء الذين يعرفون الحقيقة ويزورنها أو يعجزون عن قولها جهراً , نحن اعتدنا منذ نعومة أظفارنا قول الحقيقة حتى لو كانت مرة على أنفسنا وعلينا تغيير هذا التعامل الغريب في مجتمعنا عامة والسير في مسالك الصدق والصواب حتى لو لم نوافق الآخرين آرائهم , فاستيعاب الآخر المغاير المختلف لنا ولأفكارنا يسهل في عملية بناء المجتمع متعدد الأفكار وهذا ما نرجوه من شيخ في مكانتك.

إليكم نبذة عن المرحوم الشيخ أبو علي قاسم رفعت حلبي:

ولد المرحوم الشيخ أبو علي قاسم رفعت حلبي في دالية الكرمل في العام 1910 وترعرع فيها , وكان  أحد وجهاء قرية دالية الكرمل وزعمائها البارزين وكان من الذين وضعوا الأسس الثابتة لمشاركة أبناء الطائفة الدرزية في الدولة , وفي اندماج الطائفة فيها أمنيا واقتصاديا وفي كافة المجالات.

لم يتعرف لوالده رفعت علي حلبي حيث دعي للخدمة العسكرية في الجيش العثماني مع بداية الحرب العالمية الأولى , واستشهد في حرب العثمانيين في اليمن , فتولى تربيته جده المرحوم الشيخ أبو واكد علي قاسم محمد حلبي وعمه المرحوم الشيخ أبو علي رافع علي حلبي حيث كان الولد المدلل في الأسرة وتربى تربية حسنة وترعرع على الخصال الحميدة والمبادئ المتعارف عليها في المجتمع الشرق أوسطي وشب على هذه المبادئ والرجولة والقيادة وفي سن مبكر نسبياً (كان يبلغ من العمر 31) أصبح مختاراً للقرية وخدم جميع السكان فيها وكان ذلك في العام 1941 تعايش المرحوم الشيخ أبو علي قاسم مع ظروف صعبة للغاية مع القيادة العربية للبلاد في ذلك الحين  في ظل حكم الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل , وكان من القياديين الأوائل الذين رفضوا الظلم وأزاحوه عن أهالي القرية وخاصة عن الأسر الكريمة مستورة الحال , لقد تعرف القائد الشيخ أبو علي قاسم على قيادة المنطقة والبلاد ومن أبرز الزعماء في ذلك الحين المرحوم زيدان أبو الهيجا من قرية عين حوض , المرحوم مصطفى العمار من وجهاء مدينة حيفا , المرحوم عبد الله السلمان مختار طيرة الكرمل , محمد العنبتاوي متصرف منطقة حيفا , حسن شكري رئيس بلدية حيفا الأول ووجيه من وجهائها , جميل شلهوب من وجهاء حيفا , القاضي وجدي الطبري , وسيف الدين الزعبي من الناصرة , وكثيرين غيرهم من جميع المناطق حتى جبل نابلس والقدس والخليل ويافا وبدو النقب وطبريا وصفد والناصرة وغيرها , حيث عين مع مجموعة الوجهاء هذه عضواً في اللجنة القومية العليا. 

تمتع الشيخ أبو علي قاسم بحنكة سياسية عظيمة حيث ارتأى أن الأوضاع السياسية في ظل الانتداب البريطاني قابلة للتغيير فكان من أوائل القياديين والمفكرين المبادرين لتغيير أوضاع أبناء مجتمعه وبمساعدة عمه المرحوم الشيخ أبو علي رافع علي حلبي الذي اجتمع مع المرحوم أبو حوشي والمرحوم دوف هوز والمرحوم يتسحاك سده , وكان أول شخصية من الطائفة تجتمع مع شخصيات يهودية وتفاوض في حينه في العام 1933 وذلك لكي تبقى دالية الكرمل عامرة والطائفة الدرزية في البلاد كما هي من منطلق المسئولية والقيادة وهذا ما قد حصل , إن دالية الكرمل والطائفة الدرزية في البلاد بقيت في قراها وبيوتها وأراضيها ولم يشردوا أو يرحلوا من قراهم لأي مكان وحقاً كان الشيخ أبو علي قاسم من الشخصيات والقيادية المفكرة التي سبقت عصرها ليصل أبناء طائفته الدرزية في إسرائيل بتعايشهم السلمي المشترك إلى بر الأمان.

في العام 1942 أحضر المرحوم الشيخ قاسم رفعت , مندوب عن دائرة الطابو المعين من قبل حكومة الانتداب البريطاني إلى بيته , وقام بتسجيل أراضي أهالي دالية الكرمل في الطابو ولهذا الأمر الأثر الكبير على المجتمع حيث أصبحت أراضي دالية الكرمل ملكاً لأهلها ومسجلة رسمياً. في العام 1951 قام الشيخ أبو علي قاسم رفعت بتحرير أرض المقبرة من دائرة أراضي إسرائيل لتصبح مقبرة للقرية بالرغم من معارضة وزارة الداخلية , كان أول من دفن في المقبرة مرحومتان الأولى عطر والثانية زهر بموافقة المرحوم الشيخ قاسم مختار القرية , في العام 1968 منحت دائرة أراضي إسرائيل رسمياً مستنداً يثبت أن هذه الأرض ومساحتها 7 دونمات تقريباً ستستغل كمقبرة للقرية. 

في فترة توليه منصب مختار قام بمساعدة أسر درزية كثيرة جاءت من منطقة سوريا ولبنان والمحافظة عليها , حيث منحهم هويات وقام بتوطينهم في قرانا الدرزية في الكرمل والجليل.

وفي العام 1951 توجهت إليه السلطة الإسرائيلية لإقامة مجلس محلي في دالية الكرمل , ووافق في حينه على هذا الطلب كمختار للقرية حيث عينت لجنة تحضيرية مكونة من تسعة أشخاص من وجهاء القرية , وفي العام 1952 أجريت الانتخابات الأولى لأعضاء المجلس المحلي حيث انتخب على يد الأعضاء رئيساً للمجلس المحلي من العام 1954 ولغاية العام 1957 ومن ثم شغل منصب نائب رئيس وعضو مجلس حتى العام 1965 نفذ خلال فترة رئاسته مشاريع كثيرة كتعبيد شوارع القرية وشق طرقات جديدة , وأضاف غرف دراسية جديدة على بناية المدرسة أ على أسم حسون يوسف حسون.

افتتح أول عيادة طبية في بيته حيث كانت تحضر فرقة الطب العسكرية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي لمعالجة أهالي القرية , كما افتتح نادي الشباب في غرفة خاصة في بيته أيضاً حيث كان مقراً لشباب القرية يجتمعون فيه , ومن أهم الفعاليات التي كانت في حينه استضافة نادي الشباب الدرزي من جميع القرى الدرزية في الجليل والكرمل وإقامة فعاليات تربوية ثقافية كاستضافة محاضرين من خارج القرية لتقدمة محاضرات وتوجيه للشباب. كما وكان للشيخ أبو علي قاسم رفعت الدور الكبير في العلاقات السياسية العامة مقابل المؤسسات في فترة توليه لمنصب مختار القرية في زمن الانتداب ومؤسسات الدولة منذ تأسيسها حيث ساعد الكثيرين وكان بيته مفتوحاً للصادي والغادي ولكل المحتاجين وطالبي المساعدة.

كان الركن الأكبر على صعيد الطائفة الدرزية في البلاد وخارجها وكان عضو في لجنة الصلح العشائري القطرية حتى أخر يوم في حياته فعمل جاهداً لإصلاح المجتمع وخلق جو من التفاهم بين الأطراف المتنازعة , وشهد له المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل , رحمه الله العلي القدير , وأشاد بخصاله الحميدة ونخوته وغيرته على أبناء عشيرته المعروفية ونواياه الحسنه الطيبة اتجاه أبناء مجتمعه ووقفته إلى جانب المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين في الظروف الصعبة كما وقال له في نهاية كلمته التأبينية " الله يرحمك يا نصرة الفقير " وكانت كلمة المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين مفاجأة لأنه لم يحضر جنازات ونادراً ما ألقى كلمات تأبينية في توديع متوفين كان ذلك في شهر شباط من العام 1974 حيث كانت جنازته من كبرى الجنازات التي عرفتها دالية الكرمل والطائفة.

بعد وفاته وفي العام 1998 تحديداً , قرر المجلس المحلي برئاسة السيد فهمي حلبي في حينه تسمية مدرسة على أسمه , فسمية المدرسة الابتدائية ب على أسمه وما زال أسم المدرسة هكذا إلى أيامنا وتخرج منها آلاف الطلاب وطالبي العلم والثقافة.

هذا بعض ما ذكرته مجلة العمامة عن المرحوم الشيخ أبو علي قاسم رفعت : " الشيخ قاسم ظل وحيدا , لكنه كان صلب العود من البداية , ولما شب برز بمواقفه القيادية وخصاله وشخصيته , وبالرغم من أنه كان وحيدا بدون إخوة وأخوات , إلا أنه استطاع أن يأخذ مكانه , فعُيّن مختاراً للقرية في عهد الانتداب ابتداء من أول عام  1941 , واستمر حتى تأسيس المجلس المحلي , فانتُخب عضواً فيه , وانتخب رئيساً له عام  1953 , وظل في منصبه لمدة ثلاث سنوات وعشرة أشهر , واستمر عضواً فيه  حتى عام 1965. اهتم بالأمور الأهلية والعشائرية , وكانت تربطه علاقات جيدة مع زعماء من كافة الطوائف , وقد عمل كرئيس وعضو , على تنفيذ بعض المشاريع في القرية. وقد أطلِقت على اسمه مدرسة ابتدائية في القرية بعد وفاته , تخليدا للدور الذي قام به خلال عشرات السنوات في خدمة القرية والطائفة والدولة. ولما توفي في شهر شباط عام 1974 جرت له جنازة كبيرة بحضور آلاف المشيعين , وفي مقدمتهم فضيلة المرحوم الشيخ أمين طريف والشيخ جبر داهش معدي نائب الوزير السابق وزعماء الطائفة ,  وممثلون عن الحكومة والمواطنين العرب في البلاد " (مجلة العمامة نشرت كلمات تأبينية للمرحوم من جنازته).

وبعد هذا التاريخ الحافل والمبادرات والإرادة والعزيمة والقيادة لسنوات تستثني يا شيخ سامي حوراني صورة رجل , قائد , شيخ , مختاراً , رئيساً للمجلس الذي بناه في هذا البلد , ولولا وجوده في تلك الفترة الزمنية لكان أهالي دالية الكرمل وغيرهم من أبناء عشيرتنا التوحيدية موزعين على مناطق أخرى ويعيشون في قرى أخرى لا يعلم بحالهم إلا الله عز وجل , ونحن أبناء البلد الواحد نعرف كل صغيرة وكبيرة تدور بين أهلينا وما كتبت كلماتي هذه إلا لأؤكد للناس جميعاً أننا مثلهم ومتساوين معهم في كل شيء ولو تجاهل أحدهم رئيساً آخر لتصرفت بالتصرف ذاته كما تصرفت اتجاه جدي وطلبت تقويم الاعوجاج من قبل من قام به لمنع الشر وتحجيم الإساءات التي من الممكن أن تنتج جراء أخطاء مقصودة أو لم تكن مقصودة , وعليه إن من تصرف وأخطأ أن يَقوم بتصحيح الخطأ كي يتعلم منا الجيل القادم والأجيال التي ستليه قول الحقيقة كاملة واحترام وتقدير تاريخنا وتاريخ أمجادنا وكي لا يندثر تاريخهم علينا المحافظة علية ونقله دون زيادة أو نقصان وإني أتوقع من الشيخ سامي تصحيح خطأه هذا لأنه يسيء للكثيرين من أهالي دالية الكرمل وإن صح القول يسيء لكل أهالي دالية الكرمل. 

عن أنجال المرحوم وأحفاده وأقربائه , حفيد المرحوم الشيخ قاسم رفعت حلبي.
قاسم حلبي
دالية الكرمل

 

פורטל הכרמל

פורטל הכרמל

תגובות

3. תושב לפני 6 שנים
הכתבה
2. צעיר לפני 6 שנים
זה דבר חשוב
1. תושב לפני 6 שנים
כל הכבוד

מומלצים