في رثاء المرحوم أبي ربيع هايل صالح

جاء على لسان الامام علي كرّم الله وجهه: "لا يكون الصديق صديقاً حتّى يحفظ أخاه في ثلاث: في غيبته ونكبته ووفاته", لقد رأيت من الوفاء لصديقي وأخي المرحوم أبي ربيع هايل صالح ومن الواجب المفروض عليّ كصديق مخلص, رأيت أن أحفظه في وفاته وأن أوفيه, ولو بالقليل القليل, من حقّه علينا ,لعلّني أعبّر بذلك عن ما أكنه له في صدري من الاحترام والتقدير والعرفان بالجميل.

01.06.2025 מאת: أبو شادي نمر طريف المغار
في رثاء المرحوم أبي ربيع هايل صالح

 

لم أتعرّف على أبي ربيع كجندي في الجيش لأنه كان يكبرني عمراً وقدْراً  ,كان يكبرني من العمر سبع سنوات والكثير من القدر. لذلك لن أتحدث عن خدمته وعن إنجازاته في الجيش وأترك هذا لأصحاب المعرفة والخبرة الذين رافقوه في تلك الحقبة من الزمن.

 

سوف أتحدث عن أبي ربيع الأخ والصديق والأهم من ذلك الأنسان الذي كان يسكنه .

 

لقد عرفت أبا ربيع منذ كنت طالباً صغيراً في المدرسة الاِبتدائية ,حيث كنت أتردد على بيت العمّ المرحوم أبي حسين يوسف صالح ,عمّ أبي ربيع وجاره ,لزيارة أخي وصديقي وابن صفّي ,ولاحقاً اِشبين زواجي, أبي هيثم صالح صالح ,أطال الله في عمره وشفاه, وهناك تعرّفت على أبي ربيع بحكم  القرابة بينه وبين أخي صالح.

 

رغم فارق السن بيننا ,ومن شدّة تواضعه, واِنسانيته ومحبته للعلم وطالبي العلم, كان يجالسنا ويسألنا عن دروسنا وأحيانا كان يختبرنا في معرفتنا بالدروس والمعلومات العامّة وعن الكتب الّتي كنّا نستلفها ونقرأها من مكتبة ابن عمّه وجاره الدكتور شكيب صالح ,أمدّ الله بعمره, ومن مكتبة العمّ المرحوم أبي حسين ,وكانتا في ذلك الوقت ,تزخران بالكتب في جميع المواضيع.

 

عندما وصلنا الى الصفوف العليا في المرحلة الابتدائية كان يشاركنا أحيانا في لعب الورق من خلال أحاديثنا اليوميّة ,والغريب أنه لم يكن يغضب منّا حين كان يخسر معنا ,بلّ كان يبتسم ويفرح لفرحنا و"انتصارنا" عليه وعلى شريكه في اللعب.

 

ومرّت الأيام ومرّت السنوات وكبرنا وتزوّج كلّ واحد منّا عندما سنحت له الظروف  للزواج  ومن ثمّ رُزق كلّ واحد أولاداً وبناتاً .وشاءت الأقدار أن يتزوج ابنه ربيع وابني نزار من أختين شقيقتين من كريمات ابن العمّة أبي أسامة منير خريس وزوجته المصون أختنا الكريمة نبيهه فأصبح ولدانا الغاليين ربيع ونزار عديلان متلازمان.

 

من ذلك الوقت زادت أواصر الصداقة بيننا وتعمّقت معرفتنا ببعض ونمت الروابط العائلية على المحبّة والاِخلاص والاهتمام المتبادل.

 

نعم هكذا عرفت المرحوم أبا ربيع الاِنسان وخبرت فيه كنزاً عظيماً من الأخلاق الرفيعة وذخائر نفيسة من القيّم السامية وخير ما عرفت فيه تواضعه ونكران ذاته حين لا يتواضع اِلّا الكبار من الناس ولا ينكر ذاته اِلّا العظماء من رجال الله الصالحين.

 

قال الأمير السيّد جمال الدين عبد الله التنوخي قدّس الله سرّه:

 

"الموت لا والداً يبقي ولا ولدا                          هو السبيل الى أن لا ترى أحدا

 

الموت فينا سهام غير مخطئةٍ                         من فاته السهم يوماً لم يفته غدا "

 

 

نعم يا أخي وصديقي ,الموت حقٌ يقطن فيما بيننا ونحن نقطن واِياه سويّة .لقد غيّبك عنّا صديقاً حبيباً تحلّيت بالعزيمة القويّة ,الصدق ,دماثة الأخلاق ,طيبة القلب ,النشاط والمثابرة, التسامح والوجه الباسم, التواضع بلا اصطناع ,البساطة بلا تكلّف والعطاء بلا منّ.

 

ها هم الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات ,اِنّهم عزاؤنا بعد غيابك ,آملين أن يتابعوا المسيرة وأن يكونوا خير خلف لخير سلف ولينطلقوا في الحياة على أسس الخير والمنبت الطيّب .

 

رحمك الله يا صديقي وأخي وأسكنك ,مع الصالحين ,فسيح جنّاته وألهم الأهل والأقارب وجميع المعارف والمحبين وألهمنا الصبر والسلوان.

 

اِذا كان الداء اللعين قد هزم الحياة في جسدك فستبقى حياّ في كلّ واحد منّا وستبقى ذكراك العطرة باقية فينا ما حيينا.

 

نم قرير العين في جنّات الخلود والنعيم فألف سلام عليك يوم ولدت ويوم متّ ويوم تبعث حياً, فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.

 

תגובות

מומלצים