نظـــرة في عجائب آخر الزمــــــان

01.08.2019 מאת: منير فؤاد فرّو
نظـــرة في عجائب آخر الزمــــــان

 

قال تعالى : " وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، فباقتراب عيد الاضحى وعيد الاضحيات التي فيه يجب ان نقدم نفوسنا لله تعالى اضحية،  لنعبده تعالى ونوحده، وننصاع لاوامره ونبتعد عن نواهيه، نذكّر انفسنا بالامر الذي من اجله خلقنا الله اليه، وهو التوحيد له تعالى ومعرفته، والتقرب اليه بجواهر النفوس والتخلص من ظلمتها وشهواتها الامارة بالسوء، والقائدة النفس الى الانسفال والانخفاض والذل والهوان، والتقرب الى الله هو السعادة الحقيقية، وبه ترتقي النفس الى العالم الرفيع وهو الملا الاعلى، الطبقة الملائكية، ولا يصل الانسان الى هذه الطبقة الا بشق الانفس ومجاهدتها في سبيل الله، فليكن اضحنا قربانا الى الحق تعالى وليس غذاء للجسد الفاني، فعيد اضحى سعيد لجميع المحتفلين به وكل عيد والجميع يهنا بهداوة البال.

ان جميع الرسالات السماوية، القصص، الأحاديث والنبوءات الدينية، تكلمت عن آخر الزمان، وما يكون فيه من عجائب وغرائب، تجعل الناس تعيش فيها في حيرة وتعجب، لأنه لم يعش البشر زمانا مثله منذ تأسيس هذا العالم، لأنه زمان سيكون فيه كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : "القابض على دينه كالقابض على الجمر"

او كما قيل عنه : " حتى لا يبقى احد يريد أن يؤمن "، ولكن المسيح يسوع –ع- يقول في انجيله الطاهر : " انظروا ولا ترتاعوا فلا بد من حدوث ذلك كله، وهذا أوّل المخاض"

 

ففي هذا  زمان يقل فيه الخير، ويكثر الشر، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل، وهذا القليل في حالة شدة ومشقة عظيمة، من قوة المعارضين، وكثرة الفتن المضلة، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد، وفتن الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنيا وانهماكهم فيها، ظاهرا وباطنا، لان حب الدنيا هي اساس كل خطيئة في هذا العالم، وأيضا ضعف الإيمان، تشتت الاراء والأفكار والمعتقدات، كل يظهر معتقده على الملأ كفرا وإيمانا،  وأيضا شدة التفرد لقلة المعين والمساعد.

ففي آخر الزمان ستُظهِر الدنيا للناس كل زخارفها، حتى تنسيهم الاخرة وأهوالها، وعقابها وثوابها، وتجعلهم يعملون على تعمير دنياهم، وتدمير الدين واحتقاره، والاستهزاء بأهله، حتى يصبح الدين معيرة على اهله، ومذمة تذمهم وتعيبهم به اهل الدنيا، وتستحقرهم وتستخف معتقدهم بالله ورسوله واليوم الاخر

ان الدنيا وزينتها وشهواتها ستعمي ابصار المتعلقين بها،  فيرتفع الاشرار وتنسفل الاخيار  وتصير الاخيار تكرم الاشرار مهابة من شرهم،  فيؤتمَن الخائن،  ويُخوَّن الامين،  يُكذَّب الصادق  ويُصدَّق الكاذب،  ويكون الفاسق في الناس كالشريف، والمؤمن بينهم كالضعيف، حتى يقال للمؤمن يا ابله او لا عقل له فيرضى، لأنه بإيمانه سيكون بين اهل الدنيا كالغريب،  حتى ان الرجل يُخَيَّر بين العجز والفجور فيتخذ العجز عن الفجور

 

فهو زمان يلبس اهله جلود ضان على قلوب ذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر، وكلامهم احلا من العسل، وقلوبهم امر من الحنظل،  فمن لم يكن ذئبا اكلته الذئاب.

وفي هذا الزمان تكثر فيه المنكرات، وتقبل الناس على المحرمات وكأنها حلال، وتجور فيه السلاطين، وتكثر الفراعين، وتكثر الشرطة، ويكرم اللئيم، ويهان الحليم، وتظهر اقوام وجوههم وجوه الآدميين، وكلامهم كلام النبيين، وقلوبهم قلوب الشياطين

زمان تنقلب فيه مفاهيم الخلق، تكثر فيه الخيانات، ويتفاخر فيه اهله بشتم الاباء والأمهات، وترتفع الاصوات في المعابد بالحكم والحكومات، فتقل الحسنات، وتكثر السيئات، ويُعص رب الارض والسموات، ويُستحقر العلماء، ويقل الحياء، ويكثر القتل وسفك الدماء، حتى لا يعد يعرف القاتل لماذا قتل؟ والمقتول لماذا قُتل؟

تقوم الامم على حكامها وعلى بعضها، والملوك والسلاطين تقوم على بعضها، تسقط الملوك والممالك ويترك الرؤساء عروشهم خوفا من تمرد شعوبهم، تهدم وتحرق المدن والدول، تتهدم الاسرة، ويصيروا اهل بيت الرجل اعداءه لا طاعة لزوجة، ولا لابن ولا لابنة

يتفشى الزنا وتهتك المحارم، تُكشَف العورات،  ويصير الزنا جهارة دون حياء،  ويؤكل الربى، تُشَرب الخمور،ويكثر الغناء والطرب، وتظهر آلات موسيقية غريبة يكثر المغنين والمغنيات والمطربون والمطربات، والراقصون والراقصات، ويصير هم الناس بطونهم فيأكلون طيب الطعام وألوانها  (كالمأكولات السريعة والمتعددة )، ويصير شرفهم متاعهم وممتلكاتهم من الدور والمقتنيات والأرائك والكماليات

تصير قبلتهم نسائهم، فينكحون الحسان من النساء، وتعلى النساء على الرجال، ويصير يؤخذ بشهادتها، وتخرج النساء مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت،  قد لبسن ملابس قصيرة عارية وشفافة، تظهر كل أجسادهن، وقد تسابقن في تصفيف شعوره، فيفتن الرجال ويكثر الطلاق والخيانات الزوجية م كلا الطرفي،  ايضا الناس دينهم دراهمهم ودنانيرهم،

ولكن مع  هذه الشرور المتراكمة، والأمواج المتلاطمة، والمزعجات الملمة، والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من روح الله، ولا يكون نظره مقصورا على الأسباب الظاهرة، بل يكون متلفتا في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب، الكريم الوهاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه، بأنه سيجعل له بعد عسر يسرا، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات، وحلول المفزعات، كيف لا يصبر المؤمن الى النهاية؟ والله يقول له : " ان الله مع الصابرين "، وأيضا : " ان الله لا يخلف المعاد"،  وميعاده هو يوم القيامة، ووعده للمؤمنين الصابرين حق، وهو تعالى لا يخلف ما وعد للمؤمنين به والصابرين على بلائه والشاكرين لنعمائه من ثواب الجنة، وللكافرين به وبوعده لهم من عذاب النار .

اخواني اقتربت الساعة،  ودقت القارعة، وهبت علينا الحاقة، وقد قال تعالى: " وجوه يومئذ ناضرة، الى ربها ناظرة"، وأيضا : " وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة"،  اعاذننا  الله وإياكم من الاخيرة في الدنيا وفي الاخرة آمين.

 

תגובות

מומלצים