مأساتنا قيادات تعمل لذاتها وليس لمصلحة شعوبها

بينما تتم حرب أكتوبر الثانية يومها الخمسين منذ انطلقت شرارتها في السابع من أكتوبر 2023، بعد خمسين عامًا من سابقتها او " شقيقتها" حرب السادس من أكتوبر 1973 ، العاشر من رمضان ، وبينما تتراوح الاحاديث بين استمرار الحرب في القطاع او وقف اطلاق النار على شكل هدنة كجزء من صفقة تطلق "حماس" خلالها سراح خمسين من الرهائن مقابل اطلاق إسرائيل سراح نحو مئة وخمسين من النساء والأطفال السجناء المحتجزين في السجون الإسرائيلية

25.11.2023 מאת: المحامي زكي كمال
مأساتنا قيادات تعمل لذاتها وليس لمصلحة شعوبها

معظمهم لم تتم ادانتهم بجرائم قتل ( ليس على يديهم دماء وفق التعريف الإسرائيلي) مع إبعادهم الى مناطق الضفة الغربية( ما يسهل لاحقًا إمكانية إعادة اعتقالهم على الأقل)،  مقابل وقف اطلاق النار لمدة 4أيام  بدأت أمس الخميس، قابلة للتمديد،  وبين بقاء الحرب في الجزء الشمالي من قطاع غزة او انتقالها او توسيع نطاقها الى الجزء الجنوبي من القطاع وصولًا الى المناطق المتاخمة للحدود بين قطاع غزة والأراضي المصرية والمنطقة المعروفة باسم "محور فيلادلفيا" ،

 

وكلها أمور لا تكفي حتى وإن اجتمعت لتشكيل الصورة الحقيقية والنهائية للحرب الحالية بكافة أبعادها السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية محليًا وإقليميًا وعالميًا، يمكن القول انه ما اشبه اليوم بالأمس وما أشبه حال حرب أكتوبر الثانية عام 2023   بأكتوبر 1973، التي بدأت وفق كل الوقائع بهجوم مفاجئ من حركة "حماس" سبب صدمة للجهاز السياسي والعسكري  والمخابراتي والاستخباراتي الإسرائيلي، تلتها استفاقة عسكرية ووقوف أميركي صريح الى جانب إسرائيل عسكريا وسياسيًا وجماهيريًا، وبعدها تفوق عسكري إسرائيلي ترافقه مطالب حثيثة باستخلاص العبر وتنحية المسؤولين الذين يشغلون المناصب الرفيعة في قمة الهرم السياسي والعسكري والاستخباراتي ولجنة تحقيق رسمية وخاصة الأسئلة المختلفة والمتعددة التي تتطرق الى  الترتيبات الأمنية في القطاع  والتي تريد منها إسرائيل ان تضمن إبعاد المسلحين ايًا كان انتماؤهم عن حدودها ،  وهي ترتيبات إن شئنا ام أبينا ستحددها إسرائيل بشكل تام فهي صاحبة الكفة الراجحة والتي تحظى بدعم أميركي واوروبي، او هوية الجهة التي ستتولى السيطرة الأمنية والمدنية لاحقًا والاختلاف الأميركي الإسرائيلي حولها فهل هي السلطة الفلسطينية الوطنية او غيرها، وفوق كل ذلك قضية الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، وهكذا حال حرب أكتوبر 1973، والتي بدأت بمفاجئة عسكرية عربية  مصرية سورية واخفاق استخباراتي ، باختلاف واحد وهو ان الملاك أشرف مروان،  كان قد حذّر  إسرائيل رسميًا  من استعدادات الدول العربية لحرب ستبدأ يوم السبت السادس من أكتوبر، وصدمة سياسية  ثم استفاقة عسكرية قلبت الأمور رأسًا على عقب، واستدعت تدخل الولايات المتحدة لوقف اطلاق النار، تلته مفاوضات مطولة حول الترتيبات الأمنية واطلاق متبادل لسراح الرهائن والأسرى، كانت اميركا  وممثلها وزير الخارجية هنري كيسنجر في حينه، الروح الحية فيها، وكلها أمور انتهت الى نتيجة توقفت معها الحرب، وعلى الأرض وقائع فسرها وما زال، كل من طرفي الحرب، على انها نصر له، يمكنه تسويقه لشعبه.
 

 

 

أقول ما اشبه اليوم بالأمس، وما اشبه حرب أكتوبر الأولى بالثانية، خاصة من الجانب الأميركي وليس العربي فحسب، وأستذكر الأهداف التي وضعتها الولايات المتحدة نصب عينها في تلك الحرب، والتي لخصها وزير الخارجية الأسطوري هنري كيسنجر قائلًا ان الولايات المتحدة ارادت تحقيق أربعة اهداف قد تبدو لأول وهلة، متناقضة وغير قابلة للتحقيق في مفاوضات واحدة او في آنٍ واحدٍ معًا، وصولًا الى حالة أفضل وصف لها هو " تربيع الدائرة" ، اما الأهداف الأربعة التي أراد كيسنجر تحقيقها فهي ضمان نصر إسرائيلي فهي حليف الولايات المتحدة الأول والأزلي في الشرق الاوسط، وان يهزم الجيش الإسرائيلي الجيشين المصري والسوري اللذين يدعمهما الإتحاد السوفييتي، وان يجنب الجيش المصري هزيمة فادحة ما يُمكن الرئيس المصري أنور السادات من الخوض في مفاوضات سلمية مع إسرائيل دون أهانته او المس بكرامته، وان يثبت للدول العربية ان الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على تحقيق إنجازات لها حول طاولة المفاوضات، والحفاظ على سياسة الديتنانت ( ضمان الوضع الراهن)مع الاتحاد السوفييتي ومواصلة قضم مكانة الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط، وهي نفس الأهداف التي تريد الولايات المتحدة هذه المرة، فهي تريد ضمان تحقيق إسرائيل أهدافها وتحقيق النصر على "حماس" ، فهي أي إسرائيل حليف الولايات المتحدة الأول،

وفي نفس الوقت عدم حشر  الفلسطينيين في الزاوية خاصة في قطاع غزة، وكذلك السلطة الوطنية الفلسطينية وبشكل يمكنها من خوض مفاوضات مع إسرائيل حتى بوساطة طرف ثالث عربيًا وبإشراف أميركي يمكن للفلسطينيين تسويقه على انه انجاز فلسطيني او انه منع إسرائيل من تحقيق إنجاز ما، والحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة بمعنى تكريس التفوق او السيطرة الأميركية في المنطقة ومنع اتساع وتعزيز النفوذ او الوجود الصيني والسوفييتي( الروسي) او الإيراني ، وفوق كل ذلك إقناع الفلسطينيين رغم خيبات أملهم المتتالية من الولايات المتحدة وانحيازها الواضح الى طرف إسرائيل ،

بأن اميركا هي الوحيدة القادرة على تحقيق إنجازات لهم، فهي التي رعت اتفاق أوسلو، وحاولت تعزيزه في واي بلنتيشن وغيره، ليبقى السؤال ، وعلى ضوء الاختلافات في الوقائع وميزان القوى وما سبق الحرب الحالية من صدمة  سببها انهيار المفاهيم الأمنية الإسرائيلية ، و فظائع واعمال غير إنسانية لمسلحي حماس، وما يرافقها ، رغم محاولات إخفاء ذلك، من اعتبارات سياسية واضحة المعالم يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منها محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه من الأعطاب والأضرار التي أصابته وأصابت حزبه الذي اضمحلت قوته وفق الاستطلاعات التي تؤكد انه يخسر 50 بالمئة من عدد ممثليه في البرلمان ،هذا من جهة،

ومحاولة إبعاد ألسنة النار عن تلابيب ثوبه والصاق الفشل بالقيادات العسكرية في الجيش والموساد والشاباك، رغم انه المسؤول عنها رسميًا، ، وربما الحيلولة دون تشكيل لجنة تحقيق رسمية مثل لجنة القاضي رئيس محكمة العدل العليا أغرانت سنة 1973 يمكنها استدعاؤه للتحقيق والزامه بذلك، والاستعاضة عن ذلك بلجنة تحقيق برلمانية دون صلاحيات، تشكل غطاءً وسترًا للإخفاقات ، هل ستسمح إسرائيل للولايات المتحدة بذلك أي بتحقيق أهدافها الأربعة كلها مجتمعة ام ان العملية العسكرية ستتواصل رغم الغضب الذي تشهده وبتزايد متواصل أروقة الإدارة الأميركية،  جراء ارتفاع اعداد الضحايا من المدنيين وخاصة النساء والأطفال في غزة جراء القصف المستمر برًا وجوًا وبحرًا والذي أدى الى تضرر او هدم قرابة 45 بالمئة من المنازل والوحدات السكنية في القطاع .

 

 

بين إرادة اميركا تحقيق أهدافها الأربعة عام 1973 ، وبين ارادتها ورغبتها في حرب أكتوبر الثانية عام 2023، وهي التي تديرها عمليًا اليوم ، ويُشارك مندوبوها في جلسات مجلس الوزراء لشؤون الحرب، تحقيق اهدافها الأربعة ومعظمها تتفق والمواقف الإسرائيلية خاصة تلك المتعلقة بمنع التغلغل الصيني والروسي والإيراني وإبقاء الولايات المتحدة الراعي الوحيد لعملية السلام ومعها عمليات التطبيع التي كانت وتلك القادمة مع السعودية وهي الاهم، خيط رفيع لكنه قوي وواضح، فرحلات هنري كيسنجر المكوكية من العام  1973 والتي سافر خلالها بين عواصم الشرق الأوسط المختلفة للتوصل إلى اتفاقيات فك الاشتباك الأطراف المتقاتلة، والتي أسفرت عن اتفاقيات  في كانون الثاني 1974 بين مصر وإسرائيل وفي أيار بين سوريا وإسرائيل، تغيرت وتبدلت لكن الهدف واحد، فهي اليوم جولات مكوكية لرؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية والمصرية والقطرية والإسرائيلية، السابقين منهم والحاليين، تهدف الى عقد صفقة لتبادل الرهائن تكون ، بخلاف أكتوبر 1973،

تمهيدًا ومقدمة لوقف اطلاق النار المؤقت  او لهدنة، يمكن ان تتكرر لتكرس الواقع  وتجعل الهدنات حالة متكررة يصبح معها وقف اطلاق النار بشكل تام أهون واسهل، ويمكن للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تسويقها على انه حقق النصر والانتصار،  وانه منع من الطرف الاخر تحقيق كافة أهدافه، بينما ما زال الهدف الأميركي ومعه الإسرائيلي، تكريس مكانة اميركا على انها الطرف الوحيد الذي يمكنه إعادة تحريك العملية السياسية، وهو ما تعكسه التصريحات الأميركية حول ضرورة استئناف المفاوضات الهادفة الى تحقيق حل الدولتين، والتصريحات الأوروبية حول مؤتمر دولي للسلام بمشاركة الدول الأوروبية والولايات المتحدة  والدول العربية المجاورة إضافة الى السعودية والامارات العربية،

وهي كلها أمور تعتبرها الولايات المتحدة إنجازات مرهونة بقرارات القادة في الطرفين المتحاربين، وخاصة إسرائيل، وهي قرارات كان هنري كيسنجر قد قال عنها في كتابه "عالم مُسْتَعاد" A World Restored ،  ان القادة يتحولون الى اساطير ليس بفعل معرفتهم او انجازاتهم بل بفعل عظم المهام التي يأخذونها على عاتقهم، او قوله الشهير الذي يشير فيه الى الفارق بين السياسي وبين رجل الدولة حيث قال أن رجل الدولة الكفء يعمل في الحدود الأخيرة التي توفرها الإمكانيات المتاحة، لأنها المنطقة الوحيدة التي تغامر لوحدك في اللعب فيها عندما ينسحب الآخرون، مشيرًا الى ان القادة الكبار يخاطرون باتخاذ قرارات جريئة وشجاعة، والسؤال هل هناك من تبقى من هؤلاء في حربنا الحالية وفي منطقتنا عامة؟.

 


اليوم وبعد ان اتضح ان الولايات المتحدة هي صاحبة القول الفصل في المنطقة وهي الآمر الناهي، يكون لها ما تريد وكيفما تريد،  لا بد من طرح السؤال الحقيقي وهو هل يمكن للولايات المتحدة اليوم، فرض  حل سلمي او تسوية تؤدي الى انهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو سؤال اتضح في الماضي القريب ان الإجابة عليه هي النفي، وتحديدًا ما حدث في صفقة القرن ولقاء المنامة ، وهي صفقة بقيت حبرًا على ورق، ولدت ميتة اقترحت خلالها إدارة دونالد ترامب وبمبادرة من الثلاثي جاريد كوشنير وديفيد فريدمان وجيسون غرينبلات، صفقة او حلًا أقصى ما يمكنه تحقيقه للفلسطينيين ، هو كيان او كانتون لا يملك أي مقومات حياة ،

يحيطه بحر من المستوطنين دون أي سمة من سمات السيادة والاستقلال، تلتها اتفاقيات ابراهام، التي كانت سلاحًا استخدمته إسرائيل عامة وبنيامين نتنياهو خاصة، لتكريس ادعائه بان يمكن لإسرائيل تحقيق السلام في المنطقة ومع الدول الخليجية والعربية ، حتى دون حل النزاع مع الفلسطينيين او دون تنازلات للفلسطينيين، وهي صفقة يؤكد مارتين ايندك، الموفد الأميركي للشرق الأوسط في عهد الرئيس باراك أوباما، انها جعلت الوضع اسوا كما جاء في كتابه بعنوان "بالحيلة تنهي الحرب"، وهو سؤال يعيد الى الساحة وبشكل صارخ أسئلة كبيرة حول التغييرات التي شهدتها الولايات المتحدة ،

وأقول انه شهدتها الدول الاوروبية والدول العربية، ومعها التحديات والقضايا الحياتية في تلك المناطق، وحول ما اذا كانت هذه التغييرات قد جعلت من حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني امرًا غير ذات أهمية او ليس في المكانة الأولى من حيث الأهمية، وبكلمات أخرى، ما اذا كان العالم ما زال ينظر بعين القبول والرضى للنشاطات المسلحة التي تنفذها الجماعات والفصائل الفلسطينية باعتبارها محاولات للتحرر والسعي الى الاستقلال،  كما كان الحال عليه حتى منتصف التسعينات وربما نهايتها، ام ان الأمر قد تغير ليصبح العالم أبعد عن الفلسطينيين واقرب الى إسرائيل بفعل تأثيرات واشنطن كقوة عظمى واحدة، وتأثير ازدياد وتعاظم الحركات الإسلامية الأصولية في العالم عامة كافغانستان  وايران والصومال والشرق الوسط خاصة كالعراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة ومصر ولو لفترة قصيرة انهاها اعتلاء عبد الفتاح السياسي الحكم،

وهو موقف واضح كوضوح الشمس على ضوء موقف اميركا من تصرفات حركة "حزب الله" على الحدود الشمالية وتحديدًا تحريك حاملتي الطائرات الى مياه البحر المتوسط، وإعلان واشنطن رسميًا انها لن تسمح بشن حرب على الحدود الشمالية او حرب من قبل ايران، وتأكيدها على ان أي محاولة كهذه ستواجه برد عنيف، وبالتالي تفضل حركة "حزب الله" مواصلة نهجها الحالي عبر تصعيد طفيف يمكن لإسرائيل تحمله وقبوله لفترة قصيرة، ومحاولة طهران رفع العتب عن صمتها عبر حرب او مشاركة عسكرية يشنها الحوثيون في اليمن نيابة عن ايران، كما اكدت الطائرات المسيَّرة والصواريخ التي أرسلها الحوثيون باتجاه إسرائيل، وكما اكدت خطوات أخرى منها منع المظاهرات التي يتم فيها رفع اعلام "حماس" في دول اوروبية وغيرها، إضافة الى مواقف الدول العربية والإسلامية والتي اكتفت بمؤتمر "عاجل" بعد 34 يومًا من الحرب، انتهى الى بيان اتسم بالضبابية والعمومية دون قرارات واضحة وخطوات عملية باستثناء الدعوة العامة والفضفاضة والخالية من المضمون والتأثير، الى وقف اطلاق النار ووضع حد للتصعيد.

 


الأسئلة في هذا السياق كثيرة ومنها أسئلة ملحة تتعلق بدور المؤسسات والهيئات الأممية التي اكدت الحرب الحالية انها أصبحت في حالة عجز تام ومقلق عن القيام بمهامها، خاصة تلك المتعلقة بالصحة وحقوق المدنيين وحقوق الأطفال ومنع استخدام الاسلحة المحرمة والسعي الى محاكمة مرتكبي جرائم الحرب من العسكريين والمدنيين  والمسلحين وليس فقط المسؤولين في الدول ذات السيادة، وفوق كل ذلك هيئة او منظمة الإغاثة الدولية او المعروفة باسمها الرسمي "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" الاونروا التي تأسست في نوفمبر 1948 ، والتي يؤكد كثيرون واشاطرهم الرأي انها لعبت ، ربما باستثناء السنوات الأولى التي تلت حربي 1948او 1967 ، دورًا يمكن اجماله بانه سلبي خلاصته تكريس حالة اللجوء والفقر والعوز واعتماد عائلات متعددة الأفراد على معونات إنسانية وغذائية طيلة سنوات،

دون استخدام الميزانيات الكبيرة التي خصصتها لها دول أوروبية وعربية، لخلق افق عمل وإنتاج وأقتصاد للاجئين، الذين رغم مرور 75 على تأسيس المنظمة ما زالوا يعرفون على انهم لاجئون يحق لهم الحصول شهريًا على الغذاء وربما الدواء والتعليم ، بمعنى انها وهي الوسيلة التي موَّلت بعشرات وربما مئات مليارات الدولارات عبرها دول العالم المختلفة لللاجئين الفلسطينيين منذ 1948 كما ذكرت، لم تكن جزءً من الحل في أي مرحلة كانت من مراحل الصراع والنزاع بل انها تحولت مع مرور  السنين الى جزء من المشكلة، بمعنى انها أبقت اللاجئين في حالتهم دون تغيير،

دون حلول خاصة فملايين من اللاجئين الفلسطينيين وأبنائهم يقيمون في الدول الأوروبية والولايات المتحدة  ويحملون جنسية هذه الدول ويشغل بعضهم فيها مناصب مرموقة، بينما معظم الدول العربية، باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية، رفضت استيعاب اللاجئين الفلسطينيين لديها، وفي هذا كانت سباقة كغيره من القضايا والمواقف المتعلقة بالفلسطينيين والقدس،

وهو ما انتهى خلال عهد إدارة دونالد ترامب الى وقف الميزانيات المخصصة لها ولكنها عادت في عهد الرئيس بيدن، ما يعني ان دول العالم بدأت تصنف المنظمات الدولية وفقًأ لتوجهاتها او بحكم ترجمة مواقفها في مجالات اختصاصها  الى مواقف سياسية، وهو ما أكدته  مواقف اميركا وإسرائيل من منظمة الغوث ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف. 

 


ختامًا: الحرب في غزة لم تنته بعد، ومن المؤكد ان انتهائها باتفاق لوقف إطلاق النار او هدنة لن ينهي الصراع بمعنى ان الأضغان والأحقاد ستبقى ماثلة بل انها تعززت، رغم ان هناك من يعتقد ان اللحظات الأكثر ظلامًا هي تلك التي تسبق الفجر، ولكن من المهم الاصغاء الى من كان هناك ومن يراقب الشرق الأوسط وقضاياه منذ عقود محاولا معالجتها وحلها، ليذوق طعم الفشل والخيبة مرة تلو مرة،

وهو السفير السابق للولايات المتحدة في إسرائيل والموفد الشرق اوسطي،مارتن أنديك الذي قال إن العبرة- وهي مؤسفة ومقلقة دون شك- هي ان قدرة اميركا على إيجاد او ابتكار الحلول ومدى ارادتها لفرضها ووسائل الضغط التي تملكها واشنطن، لم تعد كافية لخلق الحلول الوسط وصياغة نقاط الالتقاء بين الزعماء والقادة في المنطقة عامة والطرفين الإسرائيلي والفلسطيني خاصة، واللذين تسود بينهما عوامل انعدام الثقة، بل تتزايد وتتعمق، ما يفقدهما الجرأة لتحقيق السلام، ورغم ان الأغلبية تؤيد حل الدولتين ، إلا ان عقودًا من العمليات الانتحارية وسفك الدماء فلسطينيًا وبناء المستوطنات إسرائيليا ، جعل مواطنيهما يفقدون الثقة في وجود الرغبة في التصالح والمصالحة، وبالتالي جعلتهم يكفون عن ممارسة الضغط على القادة لإحلال السلام.
 

 

هذه هي استنتاجات خبير متبحر، فهل معناها ان باب الحل السياسي قد تم اغلاقه وان النار والحديد وسفك الدماء سيكونان من نصيب المنطقة عامة ،  وهل ستبقى المنطقة عامة والعالم العربي خاصة وقبلهم الفلسطينيون وإسرائيل رهائن لقيادات اقصى ما لديها، إن فعلت، هو الادعاء انها فعلت ألممكن او أقصى يمكن او كل ما بوسعها( هي التي تحدد اقصى ما بوسعها وليس الشعوب) او سنبلغ حالة  نتبع فيها او يتبع القادة فيها قول وينستون تشرتشل:" ليس المهم أن نبذل قصارى جهدنا ، بل المهم أن نبذل ما هو مطلوب منا" أي ان يملكوا من الشجاعة بمكان وبمقدار يجعلهم يفعلون ما يجب  لمصلحة شعوبهم ومواطنيهم وليس ما استطاعوا الى فعله ، ولمصلحتهم الفئوية والشخصية، سبيلا؟؟؟

 

תגובות

מומלצים